إطلاق المشايخ على البلاد المتقاربة، والله تعالى أعلم.
وفي قوله:(صوموا لرؤيته)؛ دليل على أن يوم الشكّ لا يلزم صومه. وهو مذهب الجمهور خلافًا لأحمد بن حنبل، فإنه أوجب صومه احتياطًا، فإن صح أنه من رمضان أجزأه. ونحوه قال الكوفيون؛ إلا أنهم لم يوجبوا صومه. والجمهور على أنه لا يصومه عن رمضان، ولا يجزئه إن صامه، وكان بعض الصحابة يأمر بالفصل ما بين رمضان وشعبان بفطر يوم أو يومين. وكره محمد بن مسلمة تحرِّي فطره، كما كره تحرِّي صومه.
قلت: والأصل: أنه محكوم له بأنه من شعبان حتى يدل الدليل على أنه من رمضان. والأدلة الناقلة عن حكم شعبان: الرؤية، أو الشهادة، أو إكمال عدة شعبان بثلاثين، ولم يوجد واحد منها في يوم الشك، غير أنه يستحب أن يمسك فيه من غير صوم ليسلم من الأكل في زمان رمضان. ثم قوله:(صوموا لرؤيته)؛ يقتضي وجوب الصَّوم حين الرؤية متى وجدت، لكن منع الإجماع من الصوم حينئذ؛ فكان محمولاً على اليوم المستقبل؛ لأنه هلال ليلة ذلك اليوم، ولا فرق بين رؤيته قبل الزوال، أو بعده، وهو المشهور من مذاهب العلماء، ومن مذهب مالك. وقال ابن وهب، وابن حبيب، وعيسى بن دينار: إذا رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية، ويفطرون ساعة رؤيته إن كان هلال شوال. وقال بعض أهل الظاهر: أما في الصوم فيجعل للماضية، وأما في الفطر فيجعل للمستقبلة، وهو أخذ بالاحتياط منهم. والحديث المتقدِّم حجة عليهم على ما قررناه.
و(بطن نخلة): موضع معروف بذات عرق، ولذلك قال في رواية أخرى في الأصل: قال أبو البختري: أهللنا رمضان ونحن بذات عرق.