للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٥٦] وعَن أَبِي البَختَرِيِّ قَالَ: خَرَجنَا لِلعُمرَةِ، فَلَمَّا نَزَلنَا بِبَطنِ

ــ

تعالى أعلم.

وإلى ذلك صار ابن عباس، وسالم، والقاسم، وعكرمة. وبه قال إسحاق. وإليه أشار الترمذي، حيث بوَّب: لأهل كل بلد رؤيتهم. وحكى أبو عمر بن عبد البر: الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بَعُد من البلدان كالأندلس من خراسان، قال: ولكل بلد رؤيتهم، إلا ما كان كالمصر الكبير، وما تقاربت أقطاره من بلدان المسلمين.

قلت (١): وهذا الإجماع الذي حكاه أبو عمر يدلُّ على أن الخلاف الواقع في هذه المسألة إنما هو فيما تقارب من البلاد. ولم يكن في حكم القطر الواحد. ونحن نذكره إن شاء الله تعالى.

قال ابن المنذر: اختلف في الهلال يراه أهل بلد ولا يراه غيرهم: فقال قوم: لأهل كل بلد رؤيتهم، وذكر من تقدَّم ذكر أكثرهم.

وقال آخرون: إذا ثبت أن أهل بلد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا. وهو قول الليث، والشافعي، وأحمد. ولا أعلم إلا قول المزني والكوفي.

وقال شيوخنا: إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع، ثم نقل إلى غيرهم بشهادة شاهدين لزمهم الصوم. وقال عبد الملك: أما ثبوته بالشهادة فلا يلزم فيها الصوم إلا لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشهادة، إلا أن يثبت عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم الصيام. وعلل هذا: بأن البلاد كلها كبلد واحد؛ إذ حكمه نافذ في الجميع.

قلت: هكذا وقع نقل المشايخ لهذه المسألة، ولم يفرِّقوا بين البعيد والقريب من الأقاليم. والصواب: الفرق (٢)؛ بدليل الإجماع الذي حكاه أبو عمر، فيحمل


(١) ساقط من (ع).
(٢) بل الصواب توحيدُ الرؤية لإظهار وحدة المسلمين. ثم إنه بعد التقدم العلمي الهائل في وقتنا المعاصر، أصبح من الممكن إثبات يوم الرؤية بشكل صحيح؛ اعتمادًا على علم الفلك؛ الذي حقَّق سَبْقًا علميًا لا يُضاهى، مقترنًا بتقدُّم أجهزة الحاسوب. فصار من الممكن والمحقَّق إثبات يوم الرؤية إلى ما بعد مئات السنين. وكلنا أمل في أن يتحقق توحيد يوم الرؤية لدى المسلمين كما تحقق توحيد وقوفهم في عرفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>