للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي جعَلُت تَحتَ وِسَادَتِي عِقَالَينِ: عِقَالاً أَبيَضَ وَعِقَالاً أَسوَدَ، أَعرِفُ اللَّيلَ مِن النَّهَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ.

رواه أحمد (٤/ ٣٧٧)، والبخاري (١٩١٦)، ومسلم (١٠٩٠)، والترمذي (٢٩٧٠).

ــ

{مِنَ الفَجرِ} رَافِعًا لذلك الإشكال، وكأن الحديثين واقعتان في وقتين.

ويصح الجمع بأن يكون حديث عدي متأخرًا عن حديث سهل، وأن عديًّا لم يسمع ما جرى في حديث سهل، وإنما سمع الآية مجردة، ففهمها على ما قررناه، فبين له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن الخيط الأبيض كناية عن بياض الفجر، والخيط الأسود كناية عن سواد الليل، وأن معنى ذلك أن يفصل أحدهما عن الآخر. وعلى هذا فيكون {مِنَ الفَجرِ} متعلقًا في {يَتَبَيَّنَ}

وعلى مقتضى حديث سهل يكون في موضع الحال متعلقًا بمحذوف، وهكذا هو معنى جوابه في حديث سهل، ويحتمل أن يكون الحديثان قضية واحدة. وذكر بعض الرواة: {مِنَ الفَجرِ} متصلاً بما قبله، كما ثبت في القرآن وإن كان قد نزل متفرقًا؛ كما بينه حديث سهل، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إني جعلت تحت وسادتي عقالين)؛ إنما جعلهما تحت وساده لاعتنائه بهما، ولينظر إليهما وهو على فراشه من غير كلفة قيام ولا طلب، فكان يرفع الوساد إذا أراد أن ينظر إليهما. والعقال: الخيط. سمِّي بذلك: لأنه يعقل به؛ أي: يربط به ويحبس.

وقوله: (إن وسادك لعريض)؛ حمله بعض الناس على الذمِّ له على ذلك الفهم، وكأنه فهم منه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[نسبه إلى الجهل والجفاء وعدم الفقه. وربما عضدوا هذا بما روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - (١) قال له: (إنك لعريض القفا)، وليس الأمر


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>