للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٦٠] وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: {وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ الصَّومَ رَبَطَ أَحَدُهُم فِي رِجلَيهِ الخَيطَ الأَبيَضَ والخَيطَ الأَسوَدَ، فَلَا يَزَالُ يَأكُلُ وَيَشرَبُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رِئيُهُمَا، فَأَنزَلَ اللَّهُ بَعدَ ذَلِكَ: {مِنَ الفَجرِ} فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعنِي بِذَلِكَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ.

ــ

كذلك؛ فإنه حمل اللفظ على حقيقته اللسانية؛ إذ هي الأصل؛ إذ لم يتبين له دليل التجوز. ومن تمسَّك بهذا الطريق لم يستحق ذمًّا، ولا ينسب إلى جهل، وإنما عنى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم: أن وسادك إن غطى الخيطين اللذين أراد الله، اللذين هما الليل والنهار، فهو إذًا وساد عريض واسع؛ إذ قد شملهما وعلاهما، ألا تراه قد قال على إثر ذلك: (إنما هو سواد الليل وبياض النهار)؛ فكأنه قال: فكيف يدخلان تحت وساد؟ ! وإلى هذا يرجع قوله: (إنك لعريض القفا)؛ لأن هذا الوساد الذي قد غطى الليل والنهار بعرضه لا يرقد عليه، ولا يتوسده إلا قفا عريض، حتى يناسب عرضُه عرضَه، وهذا عندي أشبه ما قيل فيه وأليق. [ويدل أيضًا عليه: ما زاده البخاري قال: (إن وسادك إذًا لعريض إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك) (١)، وقد أكثر الناس فيه.

وقوله: (حتى يتبين له رِئيهما) - بكسر الراء وهمزة ساكنة، وياء باثنتين من أسفل مرفوعة -: وهو المنظر. ومنه: {أَحسَنُ أَثَاثًا وَرِئيًا} قال في كتاب العين: الرئي: ما رأيته من حال حسنة، وربما صحَّف بعض الناس: رئيهما، بفتح الراء وكسر الهمزة، ولا وجه له لأن الرِّئيِّ هو التابع من الجن، يقال فيه: بفتح الراء وبكسرها.

وقوله: (فأنزل الله تعالى بعد ذلك {مِنَ الفَجرِ}، روي: أنه كان بينهما


(١) ساقط من (هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>