للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٢/ ١٠٧)، ومسلم (١٠٩٢) (٣٨) والترمذي (٢٠٣)، والنسائي (٢/ ١٠).

ــ

ظاهره. ويحتمل: حتى يفرغ من الأذان. ويؤيد هذا الاحتمال: ما ذكره أبو داود من حديث أبي هريرة الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمع أحدُكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) (١). وهذا هو أذان ابن أم مكتوم، فإنه مشعر بأن هذا إنما يفعل عند ضيق الوقت، ولا يصح أن يرد إلى حديث ابن عمر؛ لأن ذلك صرح فيه بالتراخي والتوسعة تقتضي أكثر من هذا الوقت، وعلى هذا: فيكون قوله في أذان ابن أم مكتوم: (حتى يطلع الفجر)؛ أي: يقارب. وكذلك (أصبحت)؛ أي: قاربت الدخول في الصباح. وهذا التأويل على ما قررناه في حدِّ الصوم: من أن الواجب إمساك جميع أجزاء اليوم، وحالة: طلوع الفجر من اليوم، فلا بد من إمساكها، ويلزم من إمساكها: إمساك جزء من الليل حتى يأمن من الأكل فيما هو جزء من اليوم، وعلى هذا فأول التبين هو المحرم بنفسه، لكن اختلف في هذا التبين بالنسبة إلى ماذا يكون: فذهب الجمهور وفقهاء الأمصار والأعصار: إلى أنه أول تبين الفجر في الأفق الذاهب فيه عرضًا. وروي عن عثمان، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش، وغيرهم: أن الإمساك يجب لتبين الفجر بالطرق وعلى رؤوس الجبال.

وقد قيل لحذيفة: إني حين تسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع (٢).

وروي عن علي رضي الله عنه: أنه صلى الصبح، ثم قال: الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود (٣).

قال الطبري: ومما قادهم إلى هذا القول: أن الصوم إنما هو في النهار، والنهار عندهم: من طلوع الشمس، وآخره غروبها، [فأوله


(١) رواه أبو داود (٢٣٥٠).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٤٠٠).
(٣) رواه الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير. انظر: (الدر المنثور ١/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>