للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاشرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكتُومٍ قَالَ: وَلَم يَكُن بَينَهُمَا إِلَّا أَن يَنزِلَ هَذَا وَيَرقَى هَذَا.

ــ

قلت: وقد أشكل قول القاسم مع مساق حديث بلال وابن أم مكتوم؛ وذلك: أن حديث بلال يقتضي: أن بين وقت أذانه وطلوع الفجر زمانًا طويلاً يتسع لصلاة الليل وللسّحور، وأذان ابن أم مكتوم يقتضي: أنه كان لا يؤذن حتى يطلع الفجر، ثم قال القاسم: لم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا، وينزل ذا. وهذا الوقت لا يتسع لشيء من الصلاة، ولا من السّحور، فتناقضا. وقد انفصل عنه من وجهين:

أحدهما: أن هذا كان من بلال في بعض الأوقات، لا في غالبها، بل كان غالب أحواله: أن يوسع بين أذانه وبين طلوع الفجر. وقد روي: أنه أذن عند طلوع الفجر.

وثانيهما - وهو الأشبه -: أن بلالاً كان يؤذن قبل طلوع الفجر، فيجلس في موضع أذانه يذكر الله ويدعو حتى ينظر إلى تباشير الفجر ومقدماته، فينزل، فيعلم ابن أم مكتوم بالفجر، ولعله هو الذي كان يقول له: أصبحت، أصبحت؛ أي: قاربت الصباح. وعند ذلك يرقى ابن أم مكتوم، فيؤذن، والله تعالى أعلم.

فقول القاسم في رواية البخاري: (بين أذانهما)؛ معناه: بينهما، كما قال في حديث ابن عمر: (ولم يكن بينهما)؛ أي: لم يكن بين نزول بلال وصعود ابن أم مكتوم طويل زمن، بل بنفس ما ينزل أحدهما يصعد الآخر من غير تراخ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إن بلالاً ينادي بليل)؛ دليل على أن ما بعد الفجر لا يقال عليه ليل، بل هو أول اليوم المأمور بصومه.

وقوله: (حتى يؤذن ابن أم مكتوم)؛ أي: حتى يشرع في الأذان، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>