للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: أَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا،

ــ

والأمَة هنا هي: الجاريةُ المستَولَدَة، وربَّها سَيِّدها، وقد سُمِّي بعلا في الرواية الأخرى، كما سماه الله تعالى بعلا في قوله: أَتَدعُونَ بَعلًا وَتَذَرُونَ أَحسَنَ الخَالِقِينَ. في قول ابن عباس، وحُكِيَ عنه أنه قال: لم أدر ما البَعلُ حتَّى قلتُ لأعرابيٍّ: لِمَن هذه الناقةُ؟ فقال: أنا بَعلُها. وقد سُمِّي الزوجُ بَعلاً، ويجمع: بُعُولة؛ كما قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا بَعلِي شَيخًا ورَبَّتها: تأنيثُ رَبٍّ.

واختُلِف في معنى (قوله: أن تلد الأمةُ رَبَّتهَا) على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المراد به: أن يستولي المسلمون على بلاد الكُفرِ، فيكثُرُ التسرِّي؛ فيكونُ ولَدُ الأَمَةِ من سيِّدها بمنزلة سيِّدها؛ لشرفِهِ بأبيه، وعلى هذا: فالذي يكون مِن أشراطِ الساعة: استيلاءُ المسلمين على المشركين، وكَثرَةُ الفتوح والتسرِّي.

وثانيها: أن يبيعَ السادةُ أمّهاتِ أولادهم، ويكثُرَ ذلك؛ فتتداوَلُ الأمهات المستولَدَةَ، فربَّما يشتريها ولدها أو ابنتها ولا يشعر بذلك؛ فيصيرُ ولدُهَا ربَّها، وعلى هذا: فالذي يكون من الأشراط: غلبةُ الجهلِ بتحريمِ بيعِ أُمَّهَاتِ الأولاد، والاستهانةُ بالأحكام الشرعيَّة؛ وهذا على قولِ مَن يرى تحريمَ بيعِ أُمَّهاتِ الأولاد، وهم الجمهور؛ ويصحُّ أن يحمَلَ ذلك على بيعهنَّ في حال حَملِهِنَّ، وهو محرَّمٌ بالإجماع.

وثالثها: أن يكثُرَ العقوقُ في الأولاد، فيُعَامِلَ الولدُ أُمَّهُ معاملةَ السيِّد أمَتَهُ من الإهانة والسَّبِّ؛ ويشهدُ لهذا قولُهُ في حديث أبي هريرة: المَرأَة مكان الأَمَة. وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: لا تقومُ الساعةُ حتَّى يكونَ الوَلَدُ غَيظًا (١).


(١) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٣٢٥): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه جماعة لم أعرفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>