وقوله:(إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا)؛ هذا هو متمسك أصحابنا: على أن الكفارة معلقة على كل فطر قُصد به هتك الصيام، على ما تقدَّم.
ووجه استدلالهم: أنه علق الكفارة على من أفطر مجردًا عن القيود، فيلزم مطلقًا، وهذا على قول الشافعي في مسألة ترك الاستفصال. فإن قيل: فهذا الحديث هو الحديث الأول، والقضية واحدة فترد إليها، قلنا: لا نسلم. بل هما قضيتان مختلفتان؛ لأن مساقهما مختلف. وهذا هو الظاهر، والله تعالى أعلم.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة:(تصدق)، ولم يذكر غيره؛ دليل لمالك على اختياره الطعام. بل وظاهر هذا الحديث: الاقتصار عليه. وهو أيضًا ظاهر قول مالك في المدونة، فإنه قال: قلت: وكيف الكفارة في قول مالك؟ قال: الطعام، لا يعرف غير الطعام، لا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام.