للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠٠١] وَعَن الرُّبَيِّعِ بِنتِ مُعَوِّذِ بنِ عَفرَاءَ، قَالَت: أَرسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنصَارِ الَّتِي حَولَ المَدِينَةِ: مَن كَانَ أَصبَحَ صَائِمًا فَليُتِمَّ صَومَهُ، وَمَن كَانَ أَصبَحَ مُفطِرًا فَليُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، فَكُنَّا

ــ

لصامه كذلك؛ لِوَعدِه الذي وعد به، لا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام اليوم التاسع بدل العاشر؛ إذ لم يسمع ذلك عنه، ولا رُوي قط.

وقول الرُّبَيع: (أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار)؛ أي: إلى قرى المدينة. وإنما خصَّ هذا الوقت بالإرسال؛ لأنه الوقت الذي أوحي إليه فيه في شأن صوم عاشوراء. وهذا مما يدل على أنه كان واجبًا؛ إذ لا ينتهي الاعتناء بالندب غالبًا إلى أن يفعل فيه هكذا من الإفشاء، والأمر به، وبيان أحكامه، والإبلاغ لمن بَعُدَ، وشدة التهمم.

ولما فهمت الصحابة هذا التزموه، وحملوا عليه صغارهم الذين ليسوا بمخاطبين بشيء من التكاليف تدريبًا، وتمرينًا، ومبالغة في الامتثال والطواعية. على أن جمهور من قال من العلماء: إن الصغار يؤمرون بالصلاة وهم أبناء سبع، ويضربون عليها وهم أبناء عشر؛ ذهبوا إلى أنهم: لا يؤمرون بالصوم لمشقته عليهم، بخلاف الصلاة.

وقد شذَّ عروة فقال: إن من أطاق الصوم منهم وجب عليه. وهذا مخالف لما عليه جمهور المسلمين؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) (١)، ولقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَليَستَأذِنُوا}

وقوله في حديث سلمة بن الأكوع (٢): (من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صومه إلى الليل)؛ ظاهر هذا: جواز إحداث نية الصوم في أضعاف


(١) رواه أبو داود (٤٣٩٩ و ٤٤٠٠)، والترمذي (١٤٢٣) من حديث ابن عباس.
(٢) انظر حديث سلمة بن الأكوع في صحيح مسلم (١١٣٥). وعبارته في تبييت النية تتفق مع عبارة رواية الربيع. فتأمَّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>