للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبيَانَنَا الصِّغَارَ مِنهُم إِن شَاءَ اللَّهُ، وَنَذهَبُ إِلَى المَسجِدِ فَنَجعَلُ لَهُم اللُّعبَةَ مِن العِهنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُم عَلَى الطَّعَامِ أَعطَينَاهَا إِيَّاهُ عِندَ الإِفطَارِ.

ــ

النهار، ولا يلزم التبييت.

وقد اختلف في ذلك: فذهب أبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: إلى جواز ذلك في النفل. وخصَّ طائفة منهم جواز ذلك بما قبل الزوال؛ منهم: الشافعي في أحد قوليه. وذهب مالك، وابن أبي ذئب، والليث، والمزني: إلى أنه لا يصح صوم إلا بنية من الليل. وذهب الكوفيون: إلى أن كل ما فرض من الصوم في وقت معين؛ فإنه لا يحتاج إلى تبييت نية، ويجزئه إذا نواه قبل الزوال. وهو قول الأوزاعي، وإليه ذهب عبد الملك بن الماجشون، ورواه عن مالك فيمن لم يعلم برمضان إلا في يومه. وذهب مالك في المشهور عنه، والشافعي، وأحمد، وعامتهم: إلى أن الفرض لا يجزئ إلا بنية من الليل. وهذا هو الصحيح بدليل ما رواه النسائي عن حفصة، والدارقطني عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل) (١). وغاية ما قيل في هذا الحديث: أنه روي موقوفًا. والمسندون له (٢) ثقات. ولا حجة فيما تقدم من ابتداء الصيام في يوم عاشوراء؛ لأنه كان ذلك في أول الأمر، وهو منسوخ كما قد تقدم. ولو سلم أنه ليس بمنسوخ؛ لأمكن أن يقال بموجبه. فإن من تذكر فرض صوم يوم هو فيه، أو ثبت أنه صوم يومه لزمه إتمام صومه.

وهذا مما لا يختلف فيه، لكن عليه قضاؤه؛ إذ الصوم المطلوب منه لم يأت به؛ فإنه طلب منه صوم يوم كامل، وهذا بعض يوم. هذا مع ما قد رواه أبو داود من أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: (فأتموا بقية يومكم واقضوه) (٣)؛ يعني: عاشوراء.

وقولها: (ونصنع لهم اللعبة من العهن). اللعبة: ما يُلعب به. والعهن:


(١) رواه النسائي (٤/ ١٩٦)، والدارقطني (٢/ ١٧٣).
(٢) ساقط من (ع).
(٣) رواه أبو داود (٢٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>