للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠١٣] وعَنهَا قَالَت: إِن كَانَت إِحدَانَا لَتُفطِرُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَمَا تَقدِرُ عَلَى أَن تَقضِيَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَأتِيَ شَعبَانُ.

رواه مسلم (١١٤٦) (١٥٢).

* * *

ــ

الثالثة: (فما نقدر أن نقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ كل هذه الألفاظ محوِّمَةٌ على أن مراعاة حقوق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أزواجه كانت الموجبة لتأخير قضاء رمضان إلى شعبان.

وتفيد أن تأخير القضاء إلى شعبان مسوغ، وأن المبادرة به أولى، وأن ذلك التأخير كان عن إذنه - صلى الله عليه وسلم -. وارتفع (الشغل) في الرواية الأولى على أنه فاعل بفعل مضمر، دلَّ عليه المساق؛ كأنها قالت: منعني الشغل.

وظاهر مساق الألفاظ: أنها من قول عائشة، وخصوصًا: في الرواية الثالثة، فإن ذلك نصٌّ؛ غير أن البخاري ذكر الرواية الأولى، ثم قال: (قال يحيى: الشغل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فقال لذلك بعض علمائنا: إن ذلك القول في الرواية الأولى ليس من قول عائشة، وإنما هو من قول غيرها، وسكت عنه.

قلت: وَهَبكَ أن الرواية الأولى قابلة للاحتمال، لكن الثالثة لا تقبل شيئًا من ذلك، فتأملها.

وقولها: (إن كانت إحدانا لتفطر في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؛ يفيد هذا اللفظ: أن التأخير لأجل الشغل لم يكن لها وحدها، بل لها ولغيرها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقولها: (فما نقدر على أن نقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ يعني: أنها كانت تتوقع حاجته إليها على الدوام. فإن قيل: وكيف لا تقدر على الصوم لحقه فيها وقد كان له تسع نسوة، وكان يقسم بينهن، فلا تصل النوبة لإحداهن إلا بعد ثمان، فكان يمكنها أن تصوم في هذه الأيام التي يكون فيها عند غيرها؟ ! فالجواب: أن القسم لم يكن عليه واجبًا لهن، وإنما كان يفعله بحكم تطييب قلوبهن، ودفعًا لما

<<  <  ج: ص:  >  >>