للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَصُومُ رَمَضَانَ. قَالَ: صَدَقتَ. قَالَ: يَا رسولَ الله، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤمِنَ بِالبَعثِ الآخر، وَتُؤمِنَ بِالقَدَرِ كُلِّهِ. قَالَ: صَدَقتَ. قَالَ: يَا رسولَ الله، مَا الإِحسَانُ؟ قَالَ: أَن تَخشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ؛ فَإِنَّكَ إِن لَا تَكُن تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. قَالَ: صَدَقتَ. قَالَ: يَا رسولَ الله، مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا المَسؤُولُ عَنهَا بِأَعلَمَ مِنَ السَّائِلِ،

ــ

و(قوله: وَتَصُومُ رَمَضَانَ) دليلٌ على جواز قول القائل: رمضانُ، من غير إضافة الشهر إليه؛ خلافًا لمن يقول: لا يقالُ إلا شَهرُ رمضان؛ متمسكاً في ذلك بحديثٍ لا يَصِحُّ، وهو أنَّه يروى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: لا تقولوا رمضانُ، فإنَّ رَمَضَانَ اسمٌ من أسماء الله تعالى. خرَّجه ابنُ عَدِيٍّ مِن حديثِ أبي مَعشَرٍ نَجِيحٍ، ولا يُحتَجُّ به.

ولو سلَّمنا صِحَّته، لكانت الأحاديث التي فيها ذِكرُ رمضان من غير شهر الأولى؛ لأنّها أصحُّ وأشهر، ولأنَّ مثبته منكر؛ إذ لم يُوجَد في شيءٍ من أسماء الله تعالى رمضان، ولأنَّ المعنى الذي اشتُقَّ منه رمضان محالٌ على الله تعالى (١).

وحُكِيَ عن القاضي أبي بكر بنِ الطَّيِّبِ (٢) أنه قال: إنما يُكرَهُ ذلك فيما يُدخل في الكلام لَبسًا؛ مِثلُ: جاء رَمضانٌ، ودخل رمضانُ، وأما: صُمنَا رمضانَ، فلا بأس به.

و(قوله: متى تقومُ السَّاعَةُ؟ ) مقصودُ هذا السؤالِ امتناعُ السامعين مِنَ السؤال عنها؛ إذ قد كانوا أكثروا السؤال عن تعيينِ وقتها؛ كما قال تعالى: يَسأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرسَاهَا ويَسأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ وهو كثيرٌ في الكتابِ والسنَّة، فلمَّا أجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنّه لا يَعلَمُها إلا الله، يَئِسَ السائلون مِن معرفتها، فانكفُّوا عن السؤال عنها، وهذا بخلاف الأَسئلَةِ الأُخَرِ؛ فإنَّ


(١) رواه ابن عدي في الكامل (٧/ ٢٥١٧).
(٢) الإمام الباقلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>