للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠٣١] وَعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِرَجُلٍ: هَل صُمتَ مِن سُرَرِ هَذَا الشَّهرِ شَيئًا؟ وَفِي رِوَايَةٍ: من سرر شعبان قَالَ:

ــ

تعيين أيام مخصوصة للنفل، وأن يجعل الرجل لنفسه يومًا، أو شهرًا يلتزمه.

والحاصل: أن ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدَّهر حيث صامها، وفي أي وقت أوقعها. واختلاف الأحاديث في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرتب على زمان بعينه من الشهر، كما قالته عائشة -رضي الله عنها-، وأن كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويرحم الله مالكًا لقد فهم وغنم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل: (هل صمت من سرر شعبان شيئًا؟ ) المعروف عند اللغويين وغيرهم: أن سرار الشهر: آخره. يقال: سَرَاره، وسَرَرُه، وسره وهو حين يستسرُّ الهلال. وقال أبو داود عن الأوزاعي: سره: أوله. وقيل: وسطه.

قال ابن السكيت: سرار الأرض: أكرمها وأوسطها. وسرار كل شيء: وسطه وأفضله.

قال القاضي عياض: وقد يكون سرر الشهر من هذا؛ أي: أفضل أيامه، كما جاء في حديث جرير في ذكر الأيام البيض كما تقدم.

قلت: فإن حملنا السرار في هذا الحديث على أول الشهر لم يكن فيه إشكال، وإن حملناه على آخر الشهر عارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم، ولا يومين) (١). ويرتفع ما يتوهم من المعارضة بأن يحمل النهي على من لم تكن له عادة بصوم شيء من شعبان فيصومه لأجل رمضان، وأما من كانت له عادة أن يصوم (٢)، فليستمر على عادته. وقد جاء هذا أيضًا في بقية الخبر، فإنه قال: (إلا أن يكون أحدكم يصوم صومًا فليصمه)، كما تقدم.


(١) رواه أحمد (٢/ ٢٣٤)، والبخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢)، وأبو داود (٢٣٣٥)، والترمذي (٦٨٥)، والنسائي (٤/ ١٥٤)، وابن ماجه (١٦٥٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) ساقط من (هـ)، واستدركناه من (ظ) و (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>