للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عشر سنوات (١) بالتضعيف، وذلك أن السنة ثلاثمائة وستون يومًا، فإذا ضَرَبتَ ثلاثمائة وستين في عشرة صارت ثلاثة آلاف وستمائة.

وإنما صرنا إلى هذا التأويل للحديث الصحيح المتقدم في تفضيل الفرض على غيره، ولما علم من الشرع: أن أجر الثواب على العمل على القرب محدود بعشر، وأما أكثره فليس بمحدود؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} بعد ذكر مراتب التضعيف المذكورة في الآية؛ التي هي: عشر، وسبعون، وسبعمائة، والمضاعفة المطلقة (٢)، وكذا قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة) (٣)، والله تعالى أعلم (٤).

وقد أخذ بظاهر هذا الحديث - أعني: حديث أبي - جماعة من العلماء، فصاموا هذه الستة إثر يوم الفطر؛ منهم: الشافعي، وأحمد بن حنبل. وكره مالك وغيره ذلك، وقال في موطئه: لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السَّلف، وأهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يُلحق برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء.

قلت: ويظهر من كلام مالك هذا: أن الذي كرهه هو وأهل العلم، الذين أشار إليهم، إنما هو أن توصل تلك الأيام الستة بيوم الفطر، لئلا يظن أهل الجهالة والجفاء أنها بقية من صوم رمضان. وأما إذا باعد بينها وبين يوم الفطر فيبعد ذلك التوهم، وينقطع ذلك التخيل.

ومما يدل على اعتبار هذا المعنى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد


(١) في الأصل: اثنتي عشرة سنة. والصواب ما أثبتناه.
(٢) الآية المذكورة ورد فيها المضاعفة إلى سبعمئة ضعف، والمضاعفة المطلقة فقط، وهي قوده تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
(٣) رواه البخاري (٦٤٩١)، ومسلم (١٣٠ و ١٣١).
(٤) ما بين حاصرتين تفرَّدت به (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>