للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأنَّهُ أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ، أَرَادَ الِاعتِكَافَ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ فَأَمَرَت زَينَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ، وَأَمَرَ غَيرُهَا مِن أَزوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- الفَجرَ نَظَرَ فَإِذَا الأَخبِيَةُ فَقَالَ:

ــ

اعتكافه التي ينزوي فيها نهاره، لا أن وقت دخوله قُبَّته كان أول اعتكافه، والله تعالى أعلم.

وقولها: (وإنه أمر بخبائه فضرب)؛ هذا إنما كان قبل أن يشرع في الاعتكاف، بدليل قولها: (أراد الاعتكاف في العشر الأواخر)؛ ففي كلامها هذا تقديم وتأخير، فإن أول ما فعل لما أراد الاعتكاف ضرب له الخباء، ثم إن أزواجه لما رأين عزمه على الاعتكاف، وأخذه فيه؛ شرعن فيه رغبة منهن في الاقتداء به، وفي تحصيل الأجر، غير أنهن لم يستأذنه، فلذلك أنكر عليهن، ويحتمل أن يكون إنكاره لأوجه أخر:

منها: أن يكون خاف أن يكون الحامل لهن على الاعتكاف غيرتهن عليه، وحرصهن على القرب منه.

ومنها: أن يكون كره لهن ملازمتهن المسجد مع الرِّجال، أو يكن ضيقن المسجد على الناس بأخبيتهن، أو يؤدي مكثهن في المسجد إلى أن يطلع عليهن المنافقون لكثرة خروجهن لحاجتهن، أو يؤدي ذلك إلى أن تنكشف منهن عورة، أو يؤدي ذلك إلى تضييع حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - وحوائجه في بيوتهن.

وكل هذه الاحتمالات مناسبة، وبعضها أقرب من بعض، ولا يبعد أن يكون مجموعها هو المراعى عنده، أو شيء آخر لم يُطَّلع عليه، والله تعالى أعلم.

وأما استئذان المرأة زوجها في الاعتكاف المتطوع به، فلا بدَّ منه عند العلماء للذي تقدم في استئذانها إيَّاه في الصوم، وللزوج أن يمنعها منه ما لم يكن نذرًا معينًا، فلو كان مطلقًا، فله أن يمنعها من وقت إلى وقت ما لم تخف الفوت. وكذلك العبد والأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>