[١٠٣٩] وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَعتَكِفُ العَشرَ الأَوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
ــ
ومنع مالك اشتغاله في المسجد بسماع علم، وكتابته، أو بالأمور المباحة كالعمل في الخياطة وشبه ذلك، إلا فيما خفَّ من هذا كله.
وأباح له الشافعي وأبو حنيفة الشغل في المسجد بما يباح من ذلك كله، أو يرغب فيه من طلب العلم.
وأما خروج المعتكف من المسجد فلا يجوز إلا لقضاء حاجته، أو شراء طعام، أو شراب مما يحتاج إليه ولم يجد من يكفيه ذلك؛ لقول عائشة:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان)؛ تعني به: الحدث. ويلحق به ما يكون محتاجًا إليه كشراء طعام وشراب على ما تقدم.
وإدامته - صلى الله عليه وسلم - الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؛ إنما كان لما أبين له: أن ليلة القدر فيه، وإلا فقد اعتكف في العشر الأول وفي الوسط على ما تقدَّم من حديث أبي سعيد.
ثم من اعتكف في العشر الأواخر من رمضان؛ فهل يبيت ليلة الفطر في معتكفه ولا يخرج منه إلا إذا خرج لصلاة العيد؛ فيصلي، وحينئذ يرجع إلى منزله؟ أو يجوز له أن يخرج عند غروب الشمس من آخر يوم رمضان؟ قولان للعلماء؛ والأول هو قول مالك، وأحمد بن حنبل، وغيرهما. وهو محكي عن السَّلف.
واختلف أصحاب مالك إذا لم يفعل؛ هل يبطل اعتكافه؟ أم لا يبطل؟ قولان. وذهب الشافعي، والليث، والأوزاعي، والزهري في آخرين: إلى أنه يجوز خروجه ليلة الفطر، ولا يلزمه شيء مما قاله مالك.
وظاهر مذهب مالك: أن ذلك على وجه الاستحباب؛ لأن بعض السَّلف فعله، ولأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وكون أزواجه اعتكفن بعده حجة على من منع اعتكاف النساء في المسجد، فإنهن إنما اعتكفن على نحو ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف؛ لأن الراوي عنهن