رواه أحمد (٦/ ٤٠ - ٤١)، والبخاري (٢٠٢٤)، ومسلم (١١٧٤)، وأبو داود (١٣٧٦)، والنسائي (٣/ ٢١٧ - ٢١٨)، وابن ماجه (١٧٦٨).
* * *
ــ
ساق اعتكاف النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتكافهن مساقًا واحدًا، ولو خالفنه في المسجد لذكره، وكان يقول: غير أن ذلك في بيوتهن.
وقول عائشة -رضي الله عنها-: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل)؛ أي: بالصلاة، و (أيقظ أهله) لذلك. وفيه: حث الأهل على القيام للنوافل، وحملهم على تحصيل الخير والثواب. ويفهم منه تأكيد القيام في هذا العشر على غيره.
و(جدَّ)؛ أي: اجتهد. و (شدَّ المِئزَر)؛ أي: امتنع عن النساء. وهذا أولى من قول من قال: إنه كناية عن الجد والاجتهاد؛ لأنه قد ذكر ذلك، فحمل هذا على فائدة مستجدة أولى.
وقد ذهب بعض أئمتنا: إلى أنه عبارة عن الاعتكاف. وفيه بُعد؛ لقولها: أيقظ أهله. وهذا يدل على أنه كان معهم في البيت، وهو كان في حال اعتكافه في المسجد، وما كان يخرج منه إلا لحاجة الإنسان، على أنه يصح أن يوقظهن من موضعه من باب الخوخة التي كانت له إلى بيته في المسجد، والله أعلم.
فإن حملناه على الاعتكاف فهم منه: أن المعتكف لا يجوز له أن يقرب النساء بمباشرة، ولا استمتاع فما فوقهما، ويدل عليه قوله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُم عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} فإن وقع منه الجماع فسد اعتكافه ليلاً كان أو نهارًا بالإجماع.