للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ: هُنَّ لَهُم وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيهِنَّ مِن غَيرِهِنَّ مِمَّن أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمرَةَ

ــ

هضبة بينها وبين مكة يومان وبعض يوم. فهذه مواقيت الحجِّ من المكان، لم يختلف في شيء منها إلا في ذات عِرق، والجمهور على أنه: ميقات لأهل العراق، وقد استحب الشافعي لأهل العراق أن يهلوا من العقيق، معتمدًا في ذلك على ما رواه ابن عباس قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المشرق العقيق (١)، خرَّجه أبو داود، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف عندهم. وروي عن بعض السَّلف: أنه الرَّبَذَة.

واختلف أيضًا فيمن وقت ذات عِرق؛ ففي البخاري: أن عمر بن الخطاب حدَّ لأهل العراق ذات عِرق (٢)، وقاله مالك. وحديث أبي الزبير عن جابر يدل على أنه بتوقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، غير أن فيه: (أحسبه) فلم يجزم بالرواية. وقد روى النسائي من حديث عائشة حديث المواقيت على ما جاء في حديث ابن عمر المتقدم، وقال: (ولأهل العراق ذات عِرق) (٣) فجزم في الرواية. وهو صحيح، ولا يستبعد هذا بأن يقال: بأن العراق إذ ذاك لم يكن فتح. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنها ستفتح، وسيحج منها، فأعلم بذلك الميقات. وقد أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - مواضع لقوم من المسلمين، وملكهم إيَّاها مع علمه بأنها في أيدي الكفار؛ بناءً منه على علمه: بأنها تفتح، كما أقطع تميمًا الداري بلد الخليل، وكتب له بذلك، وأشهد على نفسه أصحابه، على ما هو معروف مروي، وبعض تلك المواضع لم تزل بأيدي عَقِبِه حتى الآن.

وقوله: (هن لهم ولكل آت أتى عليهن من غير أهلهن). هن: ضمير جماعة المؤنث العاقل في الأصل، وقد يعاد على ما لا يعقل، وأكثر ذلك في العشرة فدون، فإذا جاوزوها قالوه بهاء المؤنث، كما قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ


(١) رواه أبو داود (١٧٤٠).
(٢) رواه البخاري (١٥٣١).
(٣) رواه النسائي (٥/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>