رواه أحمد (١/ ٢٤٩ و ٢٥٢)، والبخاري (١٥٢٦)، ومسلم (١١٨١)(١٢)، وأبو داود (١٧٣٧)، والترمذي (٨٣١)، والنسائي (١/ ٢٢)
ــ
اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهرًا} ثم قال:{مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ} ثم قال: {فَلا تَظلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم}؛ ومعنى ذلك الكلام: أنها محدودة؛ لا يتعداها أحد يريد الإحرام بأحد النُّسُكَين.
واختلف فيمن مرَّ على واحد من هذه المواقيت مريدًا للإحرام فجاوزه. فعن مالك: يرجع ما لم يحرم، أو يشارف مكة، فإذا رجع لم يلزمه دم، فلو أحرم لم يرجع لزمه الدم. وبه قال ابن المبارك، والثوري على خلاف عنه. وجماعة من (ل قهاء منهم أبو حنيفة يأمرونه بالرجوع؛ فإن رجع سقط عنه الدم.
فأما من جاوز الميقات غير مريد للإحرام، ثم بدا له في النسك، فجمهور العلماء: على أنه يحرم من مكانه، ولا شيء عليه، وقال أحمد، وإسحاق: يرجع إلى الميقات.
فأما من على الميقات قاصدًا دخول مكة من غير نسك، وكان ممن لا يتكرر دخوله إلى مكة، فهل يلزمه الإحرام منه، أو لا يلزمه؟ وإذا لم يلزمه، فهو على الاستحباب، ثم إذا لم يفعله، فهل يلزمه دم؛ أو لا يلزمه؟ اختلف فيه أصحابنا.
وظاهر الحديث: أنه إنما يلزم الإحرام من أراد مكة لأحد النُّسكين خاصة. وهو مذهب الزهري، وأبي مصعب وجماعة من أهل العلم.
وقوله: (فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)؛ أي: من كان منزله دون المواقيت إلى مكة فيحرم من منزله، فخفف عنه الخروج إلى الميقات، فحينئذ يصير منزله ميقاتًا خاصًّا به؛ إذا ابتدأ الإحرام منه، فلو مرَّ من منزله بعد المواقيت بميقات من المواقيت المعينة العامة، وهو يريد الإحرام، وجب عليه أن يحرم منه،