للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَفلَحَ إِن صَدَقَ.

ــ

و(قوله: أَفلَحَ وأَبِيهِ إن صَدَقَ) أي: فاز بمطلوبه؛ قال الهَرَوِيُّ: العرب تقول لكلِّ من أصاب خيرًا: مُفلِح، قال ابنُ دُرَيدٍ: أَفلَحَ الرجلُ وأَنجَحَ: إذا أدرَكَ مطلوبَهُ. وأصلُ الفلاح الشَّقُّ والقطع؛ قال الشاعر:

. . . . . . . . . . . ... إِنَّ الحَدِيدَ بِالحَدِيدِ يُفلَحُ (١)

أي: يُشَقّ؛ فكأنَّ المُفلِحَ قد قطَعَ المصاعبَ حتَّى نال مطلوبَهُ. وقد استُعمِلَ الفلاحُ في البقاء. كما قال:

لَو كَانَ حَيٌّ مُدرِكَ الفَلَاحِ ... أدرَكَهَا مُلاعِبُ الرِّمَاحِ

وقال آخر:

نَحُلُّ بِلَادًا كُلُّهَا حُلَّ قَبلَنَا ... وَنَرجُو الفَلَاحَ بَعدَ عَادٍ وَحِميَرِ

و(قوله: وأبيه) الروايةُ الصحيحةُ التي لا يُعرَفُ غيرُها هكذا، بصيغة القسم بالأب. وقال بعضهم: إنَّما هي: واللهِ وصُحِّفَت بأَن قُصِرَتِ اللامان؛ فالتبسَت بأبيه؛ وهذا لا يُلتَفَتُ إليه؛ لأَنَّهُ تقديرٌ يَخرِمُ الثقةَ برواية الثقاتِ الأثبات.

وإنَّما صار هذا القائلُ إلى هذا الاحتمال؛ لِمَا عارضَهُ عنده مِن نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بالآباء؛ حيثُ قال: لَا تَحلِفُوا بِآبَائِكُم؛ مَن كاَنَ حَالِفًا فَليَحلِف باللهِ أو لِيَصمُت (٢). وَيُنفَصَلُ عن هَذَا مِن وجهين:

أحدهما: أَن يقال: إنَّ هذا كان قبل النَّهيِ عن ذلك.

والثاني: أن يكونَ ذلك جَرَى على اللسان بِحُكمِ السَّبقِ مِن غَيرِ قَصدٍ


(١) هذا عجز بيت، وصدره:
قد عَلِمَتْ خيلُكَ أنِّي الصَّحْصَحُ.
(٢) رواه البخاري (٦٦٤٦)، ومسلم (١٦٤٦) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>