وفي أخرى: فَأَمَرَهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَن يُغسَلَوه بِمَاءٍ وَسِدرٍ، وأن يكشفوا وجهه، حسبته قال: ورأسه فإنه يبعث وهو يهل.
رواه أحمد (١/ ٢١٥)، والبخاري (١٨٥١)، ومسلم (١٢٠٦)(٩٨ و ٩٩)، والنسائي (٥/ ١٩٥)، وابن ماجه (٣٠٨٤).
ــ
وقد أجيب عن الأول: بأن الميت وإن كان غير مكلف؛ فالحي هو المكلف بأن يفعل به ذلك.
وعن الثاني: أنه وإن لم يعلم ذلك غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه يرجي من فضل الله أن يفعل ذلك بكل من اتفق له من المحرمين مثل ذلك.
وهذا كما قد قال - صلى الله عليه وسلم - في الشهيد:(إنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون دم، والعَرف عَرف مسك)(١). وقد سوَّى أبو حنيفة بين الشهيد والمحرم فقال: إن كل واحد منهما يغسل، ويكفن، ويصلَّى عليه على أصل المشروعية في الموتى. وسوَّى الشافعي في كونهما يدفنان في ثيابهما، غير أن المحرم يُغسل، ولا يصلَّى عليه. وقال مالك في المحرم بقول أبي حنيفة، وفي الشهيد بقول الشافعي.
وقوله:(ولا تخمروا رأسه) أو (اكشفوا وجهه)؛ حجة لمالك وأبي حنيفة على قولهما: إن إحرام الرجل في رأسه ووجهه. والجمهور: على أن الإحرام على الرجل في وجهه.
وقوله:(اغسلوه بماء وسدر)؛ يدل: على أن حكم الإحرام ساقط عنه؛ إذ لا يجوز أن يغتسل المحرم بالسِّدر، والخطمي، وشبههما؛ لأن ذلك يزيل الشعث، والدَّرن، وقد منعه مالك من الخطمي والتدليك الشديد، وقال: عليه الفدية إن فعل. ونحوه عن الشافعي، وأبي حنيفة، وأبي ثور. وقال محمد، وأبو يوسف - صاحبا أبي حنيفة: عليه صدقة. وقال أبو ثور: لا شيء عليه. ورخص