للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَدِمتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَم أَطُف بِالبَيتِ وَلَا بَينَ الصَّفَا وَالمَروَةِ. فَشَكَوتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: انقُضِي رَأسَكِ، وَامتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمرَةَ

ــ

طوافك لحجك وعمرتك) (١)، وهو نصٌّ في الرد عليه، وكذلك قولها: فأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة؛ فإنما طافوا طوافًا واحدًا.

وقولها: (فقدمت مكة وأنا حائض)؛ كانت حاضت بسَرَف، كما قالت في الرواية الأخرى، وتمادى الحيض بها إلى يوم النحر، كما تقدَّم. وكونها لم تطف بالبيت؛ لاشتراط الطهارة في الطواف، ولا بالصفا والمروة؛ لأن مشروعيته أن يكون على إثر طواف، وإنما امتنعت من ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الرواية الأخرى: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (انقضي رأسك، وامتشطي، ودعي العمرة)؛ ظاهر هذا: أنه أمرها بأن ترفض عمرتها، وتخرج منها قبل تمامها. وبهذا الظاهر قال الكوفيون في المرأة تحيض قبل الطواف، وتخشى فوت الحج: أنها ترفض العمرة. وقال الجمهور: إنها تردف الحج، وتكون قارنة. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأبو ثور. وقد حمل هذا أصحابنا: على أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالإرداف، لا بنقض العمرة؛ لأن الحج والعمرة لا يتأتى الخروج منهما شرعًا إلا بإتمامهما؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} واعتذروا عن هذه الألفاظ بتأويلات:

أحدها: أنها كانت مضطرة إلى ذلك، فرخص لها فيها كما رخص لكعب بن عجرة.


(١) يأتي في الباب رقم (١٦).
(٢) انظر التخريج السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>