للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: مَن كَانَ مَعَهُ هَديٌ فَليُهِلل بِالحَجِّ مَعَ العُمرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنهُمَا جَمِيعًا. قَالَت:

ــ

قولها: أهللت بعمرة؛ تعني بعد فسخها الحج، فلما كان منها الأمران صدق كل قول من أقوالها، وكل راو روى شيئًا من تلك الألفاظ.

قلت: ويعتضد هذا التأويل بقولها في بعض رواياته: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهدي أن يحل، قالت: فحل من لم يسق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي؛ فأحللن. وهذا فيما يبدو تأويل حسن، غير أنه يبعده مساق قولها أيضًا في رواية أخرى قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (من أراد أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليفعل)؛ قالت: فأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحج، وكنت فيمن أهل بعمرة. وظاهره: الإخبار عن مبدأ الإحرام للكل. وعلى هذا فيمكن التأويل على وجه آخر؛ وهو أن يبقى هذا الحديث على ظاهره، ويتأوَّل قولها: (لبينا بالحج)؛ على أن ذلك كان إحرام أكثر الناس؛ لأنه لما أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج اقتدى به أكثر الناس في ذلك، وأما هي فإنما أحرمت كما نصَّت عليه، وناهيك من قولها: (ولم أهل إلا بعمرة).

وقولها: (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نرى إلا أنه الحج)؛ يمكن أن يقال: كان ذلك منها ومنهم قبل أن يخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أنواع الإحرام، ويبينها لهم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة)؛ ظاهره: أنه أمرهم بالقران، فيكون قال لهم عند إحرامهم، ويحتمل أن يكون قال ذلك لمن قد كان أحرم بالعمرة، فيكون ذلك أمرًا بالإرداف.

وقوله: (ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا)، هذا بيان حكم القارن، فإنه لا يحل إلا بفراغه من طواف الإفاضة، ويجزئه لهما عمل واحد عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة؛ إذ يقول: يعمل لهما عملين. وسيأتي قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: (يسعك

<<  <  ج: ص:  >  >>