للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: موافين لهلال ذي الحجة - فَأَهلَلنَا بِعُمرَةٍ، ثُمَّ قَالَ

ــ

وقولها في الرواية الأخرى: (خرجنا موافين لهلال ذي الحجة)؛ أي: مطلين عليه ومشرفين. يقال: أوفى على ثنية كذا؛ أي: شارفها، وأطل عليها. ولا يلزم منه أن يكون دخل فيها. وقد دلَّ على صحة هذا: قولها في الرواية الأخرى: (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة، وكذلك كان. وقَدِم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة لأربع أو خمس من ذي الحجة، فأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقه إلى مكة تسعة أيام، أو عشرة. والله تعالى أعلم.

وقولها: (فأهللنا بعمرة)؛ يعني: أنها هي أهلت بعمرة مع غيرها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو تكون نون العظمة، وفيه بُعد، وقد أخبرت عن نفسها وحدها؛ إذ قالت: (فأهللت بعمرة)، و (كنت فيمن أهل بعمرة)؛ وهذا يعارضه قولها في الرواية الأخرى: (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج)، وفي أخرى: (لا نرى إلا الحج).

فاختلف العلماء في تأويل هذه الألفاظ المختلفة المضطربة؛ فمنهم من رجح الروايات التي فيها: أنها أهلَّت بالحج، وغلط من روى: أنها أهلَّت بعمرة، وإليه ذهب إسماعيل - أظنه ابن علية -، ومنهم من ذهب مذهب الجمع بين هذه الرِّوايات، وهو الأولى؛ إذ الرواة لتلك الألفاظ المختلفة أئمة ثقات مشاهير، ولا سبيل إلى إطلاق لفظ الغلط على بعضهم بالوهم. فالجمع أولى من الترجيح إذا أمكن.

فمما ذكر في ذلك: أنها كانت أحرمت بالحج ولم تسق الهدي، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يسق الهدي بفسخ الحج في العمرة، فسخت فيمن فسخ، وجعلته عمرة، وأهلَّت بها، وهي التي حاضت فيها. ثم إنها لم تحل منها حتى حاضت، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تحرم بالحج، وتكون حينئذ مردفة، فأحرمت بالحج، ووقفت بعرفة وهي حائض، ثم إنها طهرت يوم النحر، فأفاضت، فلما كملت مناسك حجها اعتمرت عمرة أخرى مع أخيها من التنعيم. قال: فعن تلك العمرة التي دخلت فيها بعد الفسخ عبَّر بعض الرواة: بأنها أحرمت بعمرة، وعلى ذلك يحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>