للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهدَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عَن نِسَائِهِ البَقَرَ.

_ وَفِي رِوَايَةٍ: فقيل: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عن أزواجه - فَلَمَّا كَانَت لَيلَةُ الحَصبَةِ قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَرجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمرَةٍ وَأَرجِعُ بِحَجَّةٍ؟ !

ــ

حين راحوا)؛ تعني: من حل منهم عند فراغه من العمرة أهل عند خروجه إلى منى بالحج.

وقولها: (أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه البقر)؛ يدلّ على أن البقر مما يُهدَى، وعلى أنه يجوز أن يهدي الرجل عن غيره وإن لم يُعلِمُهُ، ولا أذن له. وكان هذا الهدي - والله أعلم - عنهن تطوّعًا عمن لم يجب عليها هدي، وقيامًا بالواجب عمن وجب عليها منهن هدي؛ كما قررناه في حديث عائشة، والله تعالى أعلم.

وقولها: (فلما كانت ليلة الحَصبة) - بسكون الصاد -، وهي: الليلة التي ينزل الناس فيها المحصَّب عند انصرافهم من منى إلى مكة. والتحصيب: إقامتهم بالمحصَّب، وهو الشِّعبُ الذي مخرجه إلى الأبطح، وهو منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من حجته، وهو خيف بني كنانة؛ الذي تقاسمت فيه في الصحيفة التي كتبوها بمقاطعة بني هاشم، وهو بين مكة ومنى، وربما يسمَّى: الأبطح، والبطحاء: لقربه منه. ونزوله بعد النفر من منى، والإقامة به إلى أن يصلي الظهر والعصر والعشاءين ويخرج منه ليلًا سُنَّة عند مالك، والشافعي، وبعض السَّلف؛ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يره بعضهم، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

وأمره - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن أن يُعمِر عائشة من التنعيم؛ دليلٌ على أن العمرة فيها الجمع بين الحل والحرم، وهو قول الجمهور. وقال قوم: إنه يتعين الإحرام بها من التنعيم خاصَّة، وهو ميقات المعتمرين من مكة أخذًا بظاهر هذا الحديث.

واختلف الجمهور فيمن أحرم بالعمرة من مكة، ولم يخرج إلى الحل، فقال عطاء: لا شيء عليه. وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور، والشافعي في أحد قوليه: عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>