وقوله:(فأهل بالتوحيد) يعني: بقوله: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك. بخلاف ما كانت تُلبي الجاهلية؛ إذ كانت تشرك بالله، فتقول في تلبيتها: إلَاّ شريكًا هو لك تملكه وما مَلَك. وقد تقدَّم القول على التلبية.
وقوله:(وأهل الناس بهذا الذي يهلون به)؛ يعني: أنهم لم يلتزموا هذه التلبية الخاصَّة التي لبَّى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ فهموا: أنها ليست مُتعيِّنَة، فإنه قد ترك - صلى الله عليه وسلم - كل أحد على ما تيسر له من ألفاظها، ومع هذا فلا بدَّ أن يأتي الملبِّي ما يقال عليه تلبية لسانًا. ولا يجزئ منها التحميد، ولا التكبير، ولا غيره، عند مالك.
وقوله:(ثم نفذ إلى مقام إبراهيم) يعني: أنه صار إليه بعد أن فرغ من طوافه. والرواية هنا:{وَاتَّخِذُوا} بكسر الخاء على الأمر، وهي قراءة الكوفيين، وأبي عمرو، وهي أمر. وعلى قراءة الفتح، وهي قراءة الباقين، هو خبر عن الملتزمين لاستقبال الكعبة.
واختلف في مقام إبراهيم ما هو؟ فقال ابن عباس: هو مواقفُه كلها. وقال الشعبي وعطاء: هو عَرَفة، والمزدلفة، والجمار. وقال مجاهد: الحرم. وقال جابر وقتادة: الحجر الذي قام عليه للبناء، فكان يرتفع به كلما ارتفع البناء. ويرفع هذا الخلاف، ويبيِّن المراد بالمقام قوله: فجعل المقام