دخلت العمرة بالحج؛ أي: في حق القارن. والذي حملهم على هذه التأويلات ما تقدَّم من أن الأصل وجوب الإتمام لما دخل فيه من الحج والعمرة، وأن الصحابة قد قالوا: إن ذلك كان مخصوصا بهم كما تقدَّم، والله تعالى أعلم.
وقوله:(حتى انصبَّت قدماه في بطن الوادي)؛ هكذا صحَّت روايتي فيه. وقال القاضي عياض: حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي، بـ (إذا) وقال: هكذا في جميع النسخ الواصلة إلينا من مسلم، ليس في أصول شيوخنا فيها اختلاف، وفيه وَهمٌ، وإسقاط لفظة:(رمل)، وبها يتم الكلام، وكذا جاء في غير مسلم:(حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي رَمَل.
قلت: هذا الوهم الذي أبداه لازم على روايته هو؛ إذ رواه بـ (إذا) فيحتاج إلى الجواب، فأبداه. وأما على ما رويته أنا من إسقاط:(إذا) فلا يحتاج إلى تقدير ذلك؛ إذ ليس في الكلام ما يستلزمه. فتأمله.
و(الرَّمَل): سنَّة في السعي في بطن الوادي، واختلف فيمن تركه؛ هل يلزمه دم أم لا؟ واختلف في تعليل الرَّمل، وفي سبب اختصاصه بذلك المحل؛ فقيل: فعله - صلى الله عليه وسلم - هناك ليرى المشركون جَلَدَه وجَلَد أصحابه.
قلت: وهذا إنما كان في عمرة القضاء، غير أنه دام على فعله في حجته، فدلَّ على أنه سُنَّة راتبة. وقيل: بل اقتدى فيه بهَاجَر في سعيها لطلب الماء لولدها، على ما جاء في الحديث.
ويقال للطواف بينهما: طواف وسعي، ولا يقال: شوط، ولا دور، وقد كرهه جماعة من السلف والشافعي.
وقوله:(لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة) هذا يرد على من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم متمتعًا، ويدل على أنه إنما