للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَكِبَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ وَالعِشَاءَ وَالفَجرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَت الشَّمسُ، فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِن شَعَرٍ تُضرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ. فَسَارَ

ــ

إلى منى، لا أنَّهم توجهوا بمشيهم إلى منى، فأحرموا منها، فإن ذلك باطل بإجماع العلماء. على أنَّهم أحرموا من مكة. والمستحب عند أكثر العلماء فيمن أحرم من مكة بالحج أن يكون إحرامه من مكة متصلاً بسيره إلى منى يوم التروية؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث. واستحب بعضهم أن يكون ذلك أول هلال ذي الحجة ليلحقهم من الشعث إلى وقت الحج ما لحق غيرهم.

والقولان عن مالك، وقد تقدَّم في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

وقوله: وركب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منى، فصلَّى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر؛ يعني: أنه صلَّى كل صلاة في وقتها، غير مجموعة، كما قد توهمه بعضهم، ممن لا يعرف. وإنما ذكر عدد الصلوات الخمس هنا ليعلم الوقت الذي وصل فيه إلى منى، والوقت الذي خرج فيه منها إلى عرفة، ولذلك قال مالك باستحباب دخوله إلى منى، وخروجه منها في ذينك الوقتين المذكورين. وقد استحب جميع العلماء الخروج إلى منى يوم التروية، والمبيت بها، والغدوَّ منها إلى عرفة، ولا حرج في ترك ذلك، والخروج من مكة إلى عرفة، ولا دم.

و(نمرة): هو موضع بعرفة، وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم، على يمين الخارج من مأزمي منى إلى الموقف. و (نمرة) أيضًا: موضع آخر بقُدَيد.

وفيه دليل: على جواز المحرم في القباب والأخبية، ولا خلاف فيه. واختلف في استظلال الراكب في حال وقوفه، فكرهه مالك، وأهل المدينة، وأحمد بن حنبل. وأجاز ذلك غيرهم. وعليه عند مالك الفدية إذا انتفع به، وكذلك استظلاله عنده (١) في حال سيره. وكذلك لو كان نازلاً بالأرض أو راجلاً فاستظل بما يقربُ من رأسه. وسيأتي الكلام عليه.


(١) أي: عند مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>