وقوله:(ولا تشكُّ قريش إلا أنَّه واقف عند المشعر الحرام)؛ يعني: كما كانت قريش تصنع في الجاهلية؛ فإنها كانت تقف بالمشعر الحرام بدل وقوف الناس بعرفة، وتقول: نحن أهل الحرم، لا نخرج منه إلى الحل. وكان هذا من جملة ما ابتدعت وغيرت من شريعة إبراهيم وسنته في الحج.
وقوله:(فَرُحِّلَت له القصواء) أي: وضع عليها الرَّحل.
و(القصواء): ناقته، وقد تقدَّم ذكرها. و (زاغت الشمس): مالت. و (بطن الوادي): المنخفض منه؛ ويعني به: وادي عُرَنة المعروف هناك، وهو موضع متسع جامع. ولذلك خصَّه بخطبته، والله تعالى أعلم.
وقوله:(فخطب الناس) دليل لمالك وجميع المدنيين والمغاربة؛ إذ قالوا: ليوم عرفة خطبة قبل الصلاة، يذكر الناس فيها، ويُعَلِّمُهم ما يستقبلون من الوقوف وغيره من المناسك. وهو أيضًا حجة على الشافعي وأبي حنيفة؛ إذ قالا: ليس عرفة بموضع خطبة، وهو قول العراقيين من أصحابنا.
وخطب الحج عندنا ثلاثة:
يوم التروية بعد صلاة الظهر في المسجد الحرام، يذكر الناس، ويعلمهم أحكام إحرامهم، ويحضهم على الخروج إلى منى.
والثانية: بعرفة قبل الصلاة بإجماع من القائلين بها. وأجمعوا: على أنه لو صلَّى ولم يخطب فصلاته جائزة.
والثالثة: بعد يوم النحر، يُعلِّمُهم فيها أحكام الرمي والتعجيل.