للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَرَامٌ عَلَيكُم كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذَا، فِي شَهرِكُم هَذَا، فِي بَلَدِكُم هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيءٍ مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحتَ قَدَمَيَّ مَوضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ، كَانَ مُستَرضِعًا فِي بَنِي سَعدٍ، فَقَتَلَتهُ هُذَيلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوضُوعٌ، وإنَّ أَوَّلُ رِبًا أَضَعُه رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُم أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانة اللَّهِ،

ــ

وقوله: (ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع)؛ يعني به: الأمور التي أحدثوها، والشرائع التي كانوا أشرعوها في الحج وغيره. وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) (١).

وقوله: (وربا الجاهلية موضوع)؛ الرِّبا: الزيادة، والكثرة لغة، ثم إنهم كانت لهم بيوعات يسمُّونها: بيع الربا. منها: أنهم كانوا إذا حل أجل الدَّين يقول الغريم لرب الدَّين: أنظرني وأزيدك. فينظره إلى وقت آخر على زيادة مقررة، فإذا حل ذلك الوقت الآخر قال له أيضًا كذلك، وربما يؤدي ذلك إلى استئصال مال الغريم نزر يسير كان أخذه أوَّل مرة. فأبطل الله ذلك، وحرَّمه، وتوعَّد عليه بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ المَسِّ} الآيات. وردهم فيه إلى رؤوس أموالهم، وبلَّغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرآنًا وسنَّة، ووعظ الناس، وذكرهم بذلك في ذلك الموطن مبالغة في التبليغ، وبدأ - صلى الله عليه وسلم - بربا العباس لخصوصيته بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليقتدي الناس به قولاً وفعلاً؛ فيضعون عن غرمائهم ما كان من ذلك.

وقوله: (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله) أي: بأن الله ائتمنكم عليهن، فيجب حفظ الأمانة وصيانتها بمراعاة حقوقها، والقيام بمصالحها


(١) رواه أحمد (٦/ ٧٣)، والبخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>