للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَم يُصَلِّ بَينَهُمَا شَيئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى المَوقفَ،

ــ

الصلاتين يُكتفى فيه بأذانٍ واحدٍ للصلاتين، وعلى أن كل صلاة منهما لا بدَّ لها من إقامة. وهذا قول أحمد، وأبي ثور، وابن الماجشون، والطحاوي. وقال مالك: يؤذن ويقيم لكل صلاة قياسًا على سائر الصلوات. وهو مذهب عمر، وابن مسعود رضي الله عنهما، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف: إلى أذان واحدٍ، وإقامة واحدة. وقال الشافعي في أحد قوليه: بإقامتين دون أذان. وروي مثله عن القاسم، وسالم. ومثله في كتاب ابن الجلَاّب (١). وقال الثوري: تُجزئ إقامة واحدة لا أذان معها.

قلت: والصحيح الأول؛ حسب ما دلَّ عليه الحديث، والجمع بعرفة والمزدلفة في ذلك سواء.

وقوله: (ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا) أي: لم يُدخِل بينهما صلاة أخرى، لا نفلاً ولا غيره. وبهذا قال مالك وغيره. وقال ابن حبيب: يجوز أن يتنفل بينهما، وليس بالبيِّن. ولا خلاف في جواز بين الصلاتين بعرفة ومزدلفة. وإنما اختلفوا فيمن فاته الجمع مع الإمام بعرفة. فالجمهور على أنه يجمع بينهما اتباعًا لفعله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الكوفيون: يصليهما مَن فاتتاه لوقتهما، ولا يجوز الجمع إلا مع الإمام. ولم يختلف: أن من صلاهما في وقتهما أن صلاته جائزة إذا لم يكن إمامًا.

واختلفوا فيمن صلَّى قبل أن يأتي المزدلفة، فذهب الكوفيون: إلى أنهما لا يجزيانه، ويعيدهما، وإن صلاهما بعد مغيب الشفق، وقاله ابن حبيب. وقال مالك: لا يصليهما قبل المزدلفة إلا مِن عُذرٍ به، أو بدابته، ولا يجمع هذا بينهما حتى يغيب الشفق. وقال مالك: يُصلِّيهما لوقتهما. وقيل: تجزئه صلاتهما في وقتهما قبل المزدلفة؛ كان إمام الحاجّ أو غيره، وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقاله الشافعي، والأوزاعي، وأبو يوسف، وأشهب من أصحابنا.


(١) هو عبيد الله بن الحسن بن الجلاب المصري، توفي سنة (٣٧٨ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>