وسمِّيت المزدلفة بذلك؛ لاقتراب الناس بها إلى منى للإفاضة من عرفات، والازدلاف: القرب، يقال: ازدلف القوم؛ إذا اقتربوا. وقال ثعلب: لأنها منزلة قربة لله تعالى. وقال الهروي: سُمِّيت بذلك: لازدلاف الناس بها. والازدلاف: الاجتماع. وقيل سُمِّت بذلك: للنزول بها بالليل. وزلف الليل: ساعاته. وتسمَّى أيضًا المزدلفة: بالمشعر؛ لأنها من المشاعر، وهي المعالم، والصواب: أن المشعر موضع مخصوص من المزدلفة، وهو الذي كانت الحُمسُ تقف فيه، ولا تتعداه، ويَكتَفِي بالوقوف فيه عن عرفة.
وسُمِّيت منى بذلك: لما يُمنى فيها من الدماء؛ أي: تراق. وقيل: لأن آدم تَمَنَّى الاجتماع مع حواء فيها.
وسُمِّيت عرفة بذلك: لأن جبريل عرَّف آدم، فقال: عرفت عرفت؟ وقيل: لأن آدم تعرَّف فيه بحواء بعد إنزالهما إلى الأرض، وهي المعرَّف. والتعريف: الوقوف بها.
وقوله:(وجعل حبل المشاة بين يديه) يريد: صفَّهم ومجتمعهم. وحبل الرَّمل: ما طال منه. وقيل: حبل المشاة: طريق الرَّجالة، حيث يسلكون.
وقوله:(وجعل بطن ناقته إلى الصَّخرات)؛ يعني - والله أعلم - أنه علا على الصخرات ناحية منها، حتى كانت الصخرات تحاذي بطن ناقته.
وقوله:(فلم يزل واقفًا بعرفة حتى غربت الشمس، وذهبت الصُّفرة قليلاً) لا خلاف في أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، وأنه من بعد الزوال، وأنه لا يجزئ قبله، وأن وقوف الليل يجزئ. وأكثر العلماء: على أن وقوف النهار يُجزئ إلا مالكًا، فإنه في معروف مذهبه كمن لم يقف، ولا خلاف في أفضلية