للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى غَابَ القُرصُ، وَأَردَفَ أُسَامَةَ خَلفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَقَد شَنَقَ لِلقَصوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأسَهَا لَيُصِيبُ مَورِكَ رَحلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ اليُمنَى:

ــ

الجمع بين الوقوفين ليلاً ونهارًا. وفيه دليل: على الاحتياط بأخذ جزء من الليل زائد على مغيب الشمس.

قلت: وقد روى الترمذي حديثًا صحيحًا يرفع الخلاف في هذه المسألة: عن عروة بن مُضرَّس - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصَّلاة، فقلت: يا رسول الله! إني جئت من جبلي طيء، أكلَلتُ راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من شهد صلاتنا هذه، فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه، وقضى تفثه) (١). قال: هذا حديث حسن صحيح. وزاد النسائي: (ومن لم يدرك مع الإمام والناس؛ فلم يدرك) وظاهر هذا: أنه لا يلزم الجمع بين وقوف الليل والنهار، بل أيُّهما فعل أجزأ؛ لأن الرواية فيه بـ (أو) التي هي لأحد الشيئين، غير أنه قد جاء في كتاب النسائي من حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة، وأتاه ناس من نجد، فأمروا رجلاً، فسأله عن الحج؟ فقال: (الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصبح، فقد أدرك حجه). وقال الترمذي: (من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر). قال وكيع: هذا الحديث أُمُّ المناسك. وقال: حديث حسن صحيح (٢).

و(شنق الزمام): ضمَّه وضيَّقه على ناقته. وقد فسَّره بقوله: حتى إنَّ رَأسَها لَيُصِيب مَورِكَ رَحلِهِ، وهو قطعة من أدم يتورك عليها الراكب، تجعل في مقدمة الرَّحل، شِبه المِخَدَّة. قال القاضي عياض: مَورِك؛ بفتح الراء.


(١) رواه الترمذي (٨٩١)، والنسائي (٥/ ٢٦٣).
(٢) رواه الترمذي (٨٨٩)، والنسائي (٥/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>