للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ. كُلَّمَا أَتَى جَبلاً مِن الجبَالِ أَرخَى لَهَا قَلِيلاً، حَتَّى تَصعَدَ. حَتَّى أَتَى المُزدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا المَغرِبَ وَالعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ، وَإِقَامَتَينِ، وَلَم يُسَبِّح بَينَهُمَا شَيئًا، ثُمَّ اضطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى طَلَعَ الفَجرُ، فَصَلَّى الفَجرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ القَصوَاءَ حَتَّى أَتَى المَشعَرَ الحَرَامَ، فَاستَقبَلَ القِبلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَم يَزَل وَاقفًا حَتَّى أَسفَرَ جِدًّا. فَدَفَعَ قَبلَ أَن تَطلُعَ الشَّمسُ، وَأَردَفَ الفَضلَ بنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعرِ، وأَبيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مَرَّت ظُعُنٌ يَجرِينَ، فَطَفِقَ الفَضلُ يَنظُرُ إِلَيهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ عَلَى وَجهِ الفَضلِ، فَحَوَّلَ الفَضلُ وَجهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ

ــ

وقوله: (ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلَّى حتى تبيَّن له الصبح)؛ فيه سُنَّةُ المبيت بالمزدلفة، وصلاة الصبح بها بغلس، وسيأتي: أنه أرخص لبعض نسائه في النَّفر منها إلى منى قبل طلوع الفجر. وفيه: الأذان في السفر؛ خلافًا لمن قال: يقتصر المسافر على الإقامة.

وقوله: (ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام)؛ فيه: أن الوقوف بالمشعر إلى الإسفار من المناسك. وقد ذكره الله تعالى في قوله: {فَاذكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرَامِ}

وقد اختلف في وجوب الوقوف فيه: فذهب أبو عبيد القاسم بن سلَاّم: إلى وجوبه. والجمهور على أنه مُستحب.

و(الظُّعُن): النساء في الهوادج. و (يجرين) بضم الياء وفتحها، وكلاهما واضح المعنى. و (طفق): أخذ، وجعل.

ووضع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجه الفضل: إنما كان خوفًا من الفتنة عليه، وكونه - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عن ذلك ولم يزجره؛ دليل: على أنه لم يفعل محرمًا. وقال بعض مشايخنا: ستر الوجه عن النساء سُنَّة. وكان الحجاب على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>