أَصحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعضُهُم، قَالَ عَبدُ اللَّهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ مَرَّةً، أَو مَرَّتَينِ، ثُمَّ قَالَ:(وَالمُقَصِّرِينَ).
رواه أحمد (٢/ ١١٩ و ١٤١)، والبخاري (١٧٢٧)، ومسلم (١٣٠١)(٣١٦)، وأبو داود (١٩٧٩)، والترمذي (٩١٣)، وابن ماجه (٣٠٤٤).
ــ
الجمهور. وذهب الشافعي في أحد قوليه، وأبو ثور، وأبو يوسف، وعطاء: إلى أنه ليس بنسك، بل هو مباح. قال الشافعي: لأنه ورد بعد الحظر، فحُمِل على الإباحة، كاللباس، والطيب. وهذه الأحاديث ترد عليهم من وجهين:
أحدهما: أنها تضمنت أن كل واحد من الحِلاق والتقصير فيه ثواب، ولو كان مباحًا لاستوى فعله وتركه.
وثانيهما: تفضيل الحِلاق على التقصير. ولو كانا مباحين لما كان لأحدهما مزية على الآخر في نظر الشرع.
واختلف القائلون بكونهما نسكين في الموجب لأفضلية الحِلاق على التقصير. فقيل: لما ذكر عن ابن عباس قال: حلق رجالٌ يوم الحديبية، وقصر آخرون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم ارحم المحلقين) ثلاثًا، قيل: يا رسول الله! لِمَ ظاهرت لهم بالترحم؟ قال:(لأنهم لم يشكوا)(١). وحاصله: أنه أمرهم يوم الحديبية بالحِلاق، فما قام منهم أحدٌ؛ لما وقع في أنفسهم من أمر الصلح، فلمَّا حلق النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا للمحلقين، أو استغفر لهم ثلاثًا، وللمقصرين واحدة، فبادروا إلى ذلك. قال أبو عمر بن عبد البر: وكون ذلك يوم الحديبية هو المحفوظ. وقيل: بل كان ذلك في حجة الوداع؛ كما روته أمُّ الحصين من طريق قتادة، وهو إمام ثقة، وإنما كان الحِلاق أفضل لأنه أبلغ في العبادة، وأدلُّ على صدق النية في