للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الأَيمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ، وَالشَّعَرَتَينِ بَينَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ: بِالأَيسَرِ فَصَنَعَ مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا أَبُو طَلحَةَ؟ فدفعه إلى أبي طلحة.

وفي أخرى: لما حلق شِقَّهُ الأَيمَنَ دَعَا أَبَا طَلحَةَ الأَنصَارِيَّ، وَأَعطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَ الحالق الشِّقَّ الأَيسَرَ، فَقَالَ: احلِق فَحَلَقَهُ، فَأَعطَاهُ أَبَا طَلحَةَ، فَقَالَ: اقسِمهُ بَينَ النَّاسِ.

ــ

الابتداء باليمين في أفعاله؛ فإنه كان يحب التيمُّن في شأنه كلِّه. وتوزيعُه شعره على الناس حرصًا منه على تشريكهم في التبرك به، وفي ثوابه.

وقوله: (فوزَّعه: الشعرة والشعرتين بين الناس)؛ ليس بمخالف لقوله في الرواية الأخرى لأبي طلحة: (اقسمه بين الناس)؛ فإنه لما أمر بتوزيعه أبا طلحة صح أن يُضاف التوزيع له. كما يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا (١)، وقطع يد السارق في مجن (٢)؛ أي: أمر بذلك.

وقوله: (لما حلق شعر رأسه الأيمن أعطاه أبا طلحة)؛ ليس مناقضًا لما في الرواية الثانية: أنه قسم شعر الجانب الأيمن بين الناس، وشعر الأيسر أعطاه أم سليم - وهي امرأة أبي طلحة، وهي أم أنس - ويحصل من مجموع هذه الروايات: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حلق الشق الأيمن ناوله أبا طلحة ليقسمه بين الناس، ففعل أبو طلحة، وناول شعر الشق الأيسر لأم سليم ليكون عند أبي طلحة، فصحت نسبة كل ذلك إلى من نسب إليه على ما قررناه، والله أعلم.

وهذا أولى من أن نُقدِّر تناقضًا واضطرابًا. والحمد لله.


(١) رواه مسلم (١٦٩٤)، وأبو داود (٤٤٣٢ و ٤٤٣٣).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٦ و ٨٢)، والبخاري (٦٧٩٧)، ومسلم (١٦٨٦)، والنسائي (٨/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>