رواه أحمد (١/ ١٣٢)، والبخاري (١٧١٦)، ومسلم (١٣١٧)، وأبو داود (١٧٦٩)، وابن ماجه (٣٠٩٩).
ــ
وأمره - صلى الله عليه وسلم - بالتصدق بلحوم البدن، وجلودها، وأجلتها؛ دليل: على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع؛ لأنه عطفها على اللحم وحكم لها بحكمه. وقد اتفق على أن لحمها لا يُباع، فكذلك الجلود والجلال. وكان ابن عمر يكسو جلالها الكعبة، فلما كسيت الكعبة تصدق بها، أخذًا منه بهذا الحديث. وممن صار إلى منع بيع جلودها عطاء، والنخعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق؛ وقالوا: يتصدق وينتفع بها. وروي عن ابن عمر؛ أنه قال: لا بأس أن يبيع جلد هديه ويتصدق بثمنه. وروي هذا عن أحمد، وإسحاق. وكان أبو ثور يرخص في بيعه. وقال النخعي، والحكم: لا بأس أن يشتري به المنخل وشبهه.
وقوله:(ولا أعطي الجازر منها)؛ يدل على أنه لا تجوز المعاوضة على شيء منها؛ لأن الجزار إذا عمل عمله استحق الأجرة على عمله، فإن دفع له شيء منها كان ذلك عوضًا على فعله، وهو بيع ذلك الجزء منها بالمنفعة التي عملها، وهي الجزر. والجمهور: على أنه لا يعطى الجازر منها شيئًا، تمسُّكًا بالحديث. وكان الحسن البصري، وعبد الله بن عمير لا يريان بأسًا أن يعطى الجزار الجلد.
وقوله:(نحن نعطيه من عندنا)؛ مبالغة في سد الذريعة، وتحقيق للجهة التي تجب عليها أجرة الجازر؛ لأنه لما كان الهدي منفعته له تعينت أجرة التي تتم به تلك المنفعة عليه.