للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن كُفَّارِ مُضَرَ، وَإِنَّا لا نَستَطِيعُ أَن نَأتِيَكَ إِلَاّ فِي شَهرِ الحَرَامِ،

ــ

قلناه، والندمان: هم المُجَاليِسُ على الخمر وساقيها؛ كما قال الشاعر:

فَإِن كُنتَ نَدمَانِي فَبِالأَكبَرِ اسقِنِي ... وَلَا تَسقِني بِالأَصغَرِ المُتَثَلِّمِ

وليس مرادًا هاهنا، وإِنَّمَا جَمَعَ نَادِماً هذا على نَدَامَى؛ إتباعًا لخَزَايَا؛ على عادتهم في إتباع اللفظِ اللفظَ، وإن لم يكن بمعناه؛ كما قالوا: إنِّي لآتيه بالغَدَايَا والعَشَايَا؛ فجمعوا الغُدوَةَ: غَدَايَا؛ لمَّا ضمَّوه إلى العشايا؛ كما قال شاعرهم:

هَتَّاكِ أَخبِيَةٍ وَلاجِ أَبويَةٍ (١) ... . . . . . . . . . . . .

فجمَعَ البابَ على أَبوِيةً، لَمَّا أتبعَهُ أَخبِيَة، ولو أفرده لما جاز ذلك، ومن هذا النوع: قولُهُ - عليه الصلاة والسلام - للنساء المتَّبعات للجنازة: ارجِعنَ مَأزُورَاتٍ غَيرَ مَأجُورَاتٍ (٢)، ولولا مراعاةُ الإتباع قال: مَوزُورات بالواو؛ لأنه من الوِزرِ. وقال القَزَّاز (٣) في جامعه: يقال في النادم: نَدمَانُ؛ فيكون نَدَامَى على القياس، ومعنى هذا القول: التأنيسُ، والإكرامُ والثناءُ عليهم بأنَّهم بادروا بإسلامهم طائِعِينَ من غيرِ خِزيٍ لَحِقَهُم من قَهرٍ ولا سِبَاء، ثُمَّ إنَّهم لمَّا أسلموا كذلك احتُرِمُوا وأُكرِموا وأُحِبُّوا، فلم يَندَمُوا على ذلك، بل انشرحَت صدورهم للإسلام، وتنوَّرَت قلوبُهُم بالإيمان.

وغَيرَ خزايا: منصوبٌ على الحال، أي: أتيتُم في هذه الحال. وروي: ولا الندامى، ولا ندامى، معرَّفًا وغير مُعَرَّف؛ وهما بمعنىً واحدٍ. والشُّقَّة البعيدة: المسافةُ البعيدة الصعبة. والحَيُّ: القبيل، وربيعة: هو خبَرُ مبتدأ محذوف؛ أي: نحنُ بنو ربيعة.

و(قوله: وَإِنَّا لا نَستَطِيعُ أَن نَأتِيَكَ إِلَاّ فِي شَهرِ الحَرَامِ) كذا الرواية الصحيحة


(١) هذا صَدْرُ بيت للقُلاخِ بن حُبَابة، وقيل: لابن مُقبِل، وعجزه:
يَخلِطُ بِالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا.
(٢) رواه ابن ماجه (١٥٧٨) وَفي إسناده: دينار بن عمر، ضعيف.
(٣) هو محمد بن جعفر القيرواني النحوي، عالم باللغة. له كتاب "الجامع" توفي سنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>