للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمُرنَا بِأَمرٍ فَصلٍ نُخبِرُ بِهِ مَن وَرَاءَنَا نَدخُل بِهِ الجَنَّةَ، قَالَ: فَأَمَرَهُم بِأَربَعٍ، وَنَهَاهُم عَن أَربَعٍ؛

ــ

بتعريف الحرام، وإضافة الشهر إليه، وهو من باب إضافةِ الشيء إلى صفته؛ كما قالوا: مسجدُ الجامع، وصلاةُ الأُولَى؛ وقال تعالى: وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وهو على تقدير محذوف؛ فكأنّه قال: شَهرٌ الوقتِ الحرامِ، ومسجدُ المكانِ الجامعِ، ولدارُ الحالةِ الآخِرَةِ، ونحوه.

ويعنون بشَهرِ الحرامِ: رجبًا؛ لأنَّه متفردٌ بالتحريم من شهور الحِلِّ، بخلاف سائر الأشهر الحُرُم؛ فإنَّها متوالية؛ ولذلك قال فيها: ثلاثةٌ سَرد، وواحدٌ فَرد، يعنون به: رجبًا، وهو الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنَّهُ شَهرُ مُضَرَ (١)، وإنما نسبُهُ إليهم: إمَّا لأنَّها انفردَت بابتداء احترامه، أو لتخصيص الاحترامِ به، أو بزيادةِ التعظيمِ له على غيرهم، والله تعالى أعلم.

وقد وقع في بعض النسخ: في شهرٍ حَرَامٍ، وهو يصلُحُ لرجبٍ وحدَهُ، ولجميعِ الأشهُرِ الحُرُمِ، وحاصلُ قولهم هذا أنه اعتذارٌ عن امتناعِ تكرُّرِ قدومهم عليه.

و(قوله: فَمُرنَا بِأَمرٍ فَصلٍ نُخبِرُ بِهِ مَن وَرَاءَنَا، نَدخُل بِهِ الجَنَّةَ) قيّدناه على مَن يُوثَقُ بعلمِه: نُخبِر بهُ مرفوعًا، وندخل مرفوعًا ومجزومًا؛ فرفعهما على الصفة لأَمر، وجزمُ ندخُل على جوابِ الأمرِ المتضمِّنِ للجزاء؛ فكأنَّه قال: إن أمرتَنَا بأمرٍ واضحٍ، فعلنا به، ورجَونَا دخولَ الجنة بذلك الفعل.

والقولُ الفصلُ: هو الواضحُ البليغُ الذي يَفصِلُ بين الحقِّ والباطل؛ كما قال تعالى: إِنَّهُ لَقَولٌ فَصلٌ.

و(قوله: فَأَمَرَهُم بِأَربَعٍ، وَنَهَاهُم عَن أَربَعٍ) ثُمَّ إنَّه ذكر خمسًا: فقيل في ذلك:


= (٤١٢ هـ). انظر: (سير أعلام النبلاء ١٧/ ٣٢٦).
(١) رواه البخاري (١٧٤١)، ومسلم (١٦٧٩)، وأبو داود (١٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>