وقوله:(اركبها ويلك! ) تأديبٌ له لأجل مراجعته، وقول الرجل:(إنها بدنة)، وقد كان حالها غير خافٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنها كانت مقلَّدة، ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم عن الرجل: أنه لا يرى ركوبها بحال على عادة الجاهلية في البحيرة، والسائبة، والوصيلة، فزجره عن ذلك. وقيل: إنما قال له ذلك لأن هذا الرجل قد كان جهد من المشي، ووصل إلى حد الهلكة.
و(الويل): الهلكة. فقوله:(ويلك)؛ أي: أشرفت على الهلاك لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشدَّة. وقيل: إن هذه الكلمة مما تدغم فيها العرب كلامها. كقولهم: لا أمَّ له ولا أب. وتربت يمينك. ومن ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ويل أمه مِسعَرُ حرب)(١). وقد تقدم هذا النحو في الطهارة.
وقوله:(اركبها بالمعروف)؛ يعني: بالرفق في الركوب، والسير على الوجه المعروف، من غير عُنف، ولا إفحاش.
وقوله:(إذا أُلجئت إليها، حتى تجد ظهرًا)؛ يدل على صحة ما قاله
(١) رواه البخاري (٤١٧٨ و ٤١٧٩)، وأبو داود (٢٧٦٥ و ٢٧٦٦).