للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليالٍ

ــ

قال بقوله أن الاستطاعة بيّنة في نفسها في حق الرجال والنساء وأن الأحاديث المذكورة في هذا لم تتعرض للأسفار الواجبة، ألا ترى أنه قد اتفق على أنه يجب عليها أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتُهاجر من دار الكفر كذلك (١)، ولذلك لم يختلف في أنها ليس لها أن تسافر سفرًا غير واجب مع غير ذي محرم أو زوج، ويمكن أن يقال: إن المنع في هذه الأحاديث إنما خرج لما يؤدي إليه من الخلوة وانكشاف عوراتهن غالبًا، فإذا أمن ذلك بحيث يكون في الرفقة نساء تنحاش إليهن جاز - كما قاله الشافعي ومالك، وأما مع الرِّجال المأمونين ففيه إشكال لأنه مظنة الخلوة وكشف العورة، وقد أقام الشرع المظنة مقام العلة في غير ما موضع، والله تعالى أعلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة هو على العموم لجميع المؤمنات؛ لأن امرأة نكرة في سياق النفي فتدخل فيه الشابة والمتجالَّة (٢)، وهو قول الكافة. وقال بعض أصحابنا: تخرج منه المتجالَّة؛ إذ حالها كحال الرجل في كثير من أمورها. وفيه بُعد؛ لأن الخلوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالبًا عورة، فالمظنة موجودة فيها، والعموم صالح لها، فينبغي ألا تخرج منه، والله تعالى أعلم.

وقوله مسيرة ثلاث، أو يومين، أو يوم وليلة لا يتوهم منه أنه اضطراب أو تناقض، فإن الرواة لهذه الألفاظ من الصحابة مختلفون، روى بعض ما لم يَروِ بعض، وكل ذلك قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات مختلفةٍ بحسب ما سئل عنه.


(١) سقطت هذه اللفظة من (ع).
(٢) "المتجالة": التي كبرت وأسنَّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>