للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغبَةً عَنهَا إِلَّا أَبدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ، وَلَا يَثبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأوَائِهَا وَجَهدِهَا إِلَّا كُنتُ لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدًا يَومَ القِيَامَةِ.

ــ

غيرها، ويفسِّر هذا حديث سفيان بن زهير الآتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وقوله لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل فيها من هو خير منه. . . إلى آخر الحديث، رغبة عنها أي كراهية لها، يقال: رغبت في الشيء - أحببته، ورغبت عنه: كرهته.

وفي معنى هذا الحديث قولان؛

أحدهما: أن ذلك مخصوص بمدة حياته.

والثاني: أنه دائم أبدًا.

ويشهد له قوله في حديث آخر يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء! والمدينة خير لهم (١)، وذكر ما تقدَّم (٢).

وقوله لا يثبت أحدٌ على لأوائها وشدَّتها، اللأواء - ممدود: هو الجوع وشدَّة الكسب فيها والمشقات. ويحتمل أن يعود الضمير في شدَّتها على اللأواء فإنها مؤنثة، وعلى المدينة، والأول أقرب.

وقوله إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا، زعم قوم أن أو هنا شكٌّ من بعض الرواة وليس بصحيح، فإنه قد رواه جماعة من الصحابة ومِن الرواة كذلك على لفظ واحد، ولو كان شكًّا لاستحال أن يتفق الكل عليه، وإنما أو هنا للتقسيم والتنويع، كما قال الشاعر:

فقالوا لنا ثِنتانِ لا بُدَّ مِنهُما ... صدور رِماح أُشرِعت أو سَلاسِلُ

ويكون المعنى: إن الصابر على شدة المدينة صنفان؛ من يشفع له النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه مسلم (١٣٨١)، وأحمد (٢/ ٤٣٩).
(٢) في (هـ) و (ز): لو كانوا يعلمون بدل (وذكر ما تقدم).

<<  <  ج: ص:  >  >>