للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُونَ يَثرِبَ وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنفِي النَّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

رواه أحمد (٢/ ٢٣٧)، والبخاري (١٨٧)، ومسلم (١٣٨٢).

[١٢٣٦] وَعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ أَنَّ أَعرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَصَابَ الأَعرَابِيَّ وَعكٌ بِالمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ؛ تَنفِي خَبَثَهَا وَيَنصَعُ طَيِّبُهَا.

ــ

وإليها جُبِي فَيءُ البلاد وخَراجُها في تلك المُدَد، وهو أيضًا من علامات نبوَّته صلى الله عليه وسلم.

وقوله يقولون يثرب، وهي المدينة؛ أي: يسميها الناس يثرب، والذي ينبغي أن تُسمَّى به المدينة، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذلك الاسم على عادته في كراهته الأسماء غير المستحسنة وتبديلها بالمستحسن منها، وذلك أن يثرب لفظ مأخوذ من الثرب وهو الفساد، والتثريب: وهو المؤاخذة بالذنب. وكل ذلك من قبيل ما يكره. وقد فهم العلماء من هذا منع أن يقال يثرب، حتى قال عيسى بن دينار: مَن سمَّاها يثرب كُتِبت عليه خطيئة. فأما قوله تعالى: {يَا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقَامَ لَكُم فَارجِعُوا} هو حكاية عن قول المنافقين. وقيل: سُميت يثرب بأرض هناك، المدينة ناحية منها. وقد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - طيبة وطابة، من الطيب، وذلك أنها طيبة التربة والرائحة، وهي تربة النبي صلى الله عليه وسلم، وتُطيِّبُ من سكنها ويستطيبها المؤمنون.

وقوله تنفي خبثها، وينصعُ طِيبُها، ينصع: يصفو ويخلص. يقال: طيب ناصع إذا خلصت رائحته وصفَت مما ينقصها. وروينا طيِّبها هنا بفتح الطاء وتشديد الياء وكسرها، وقد رويناه في الموطأ هكذا، وبكسر الطاء

<<  <  ج: ص:  >  >>