وزاد في رواية: قَالَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد.
رواه أحمد (٢/ ٢٥٦)، والبخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤)(٥٠٦ و ٥٠٧)، والترمذي (٣٢٥)، والنسائي (٢/ ٣٥)، وابن ماجه (١٤٠٤).
ــ
الحرام أفضل من مسجده صلى الله عليه وسلم؟ أو هو لأن المسجد الحرام أفضل من سائر المساجد غير مسجده صلى الله عليه وسلم فإنه أفضل المساجد كلها؟ وانجرَّ مع هذا الخلافِ الخلافُ فِي أي البلدين أفضل؛ مكة أو المدينة؟ فذهب عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة، وحملوا الاستثناء على تفضيل الصلاة في مسجد المدينة بألف صلاة على سائر المساجد إلا المسجد الحرام فبأقلّ من الألف، واحتجُّوا بما قال عمر رضي الله عنه: صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه - ولا يقول عمر هذا من تلقاء نفسه ولا من اجتهاده؛ إذ لا يُتوصَّل إلى ذلك بالاجتهاد، فعلى هذا تكون فضيلة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسجد الحرام بتسعمائة وعلى غيره بألف.
وذهب الكوفيون والمكيُّون وابن وهب وابن حبيب من أصحابنا إلى تفضيل مسجد مكة (١)، واحتجُّوا بما زاده قاسم بن أصبغ وغيره في هذا الحديث من رواية عبد الله بن الزبير بعد قوله إلا المسجد الحرام، قال: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة.
قلت: وقد روى هذا الحديث عبدُ بن حميد وقال فيه بمائة ألف صلاة، وهذه زيادات منكرة لم تشتهر عند الحفاظ ولا خرَّجها أهل الصحيح، والمشهور المعلوم الحديث من غير هذه الزيادات فلا يُعوَّل عليها، وينبغي أن يجرَّد النظر إلى الحديث المشهور وإلى لفظه. ولا شكَّ أن المسجد الحرام