للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٢٥٠] وعَن ابنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يأتي قُبَاءً كل سبت رَاكِبًا وَمَاشِيًا.

رواه أحمد (٢/ ٥٨)، والبخاري (٧٣٢٦)، ومسلم (١٣٩٩) (٥٢١)، والنسائي (٢/ ٣٧).

* * *

ــ

أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نزلت هذه الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} في أهل قباء؛ لأنهم كانوا يستنجون بالماء (١)، فعلى هذا يكون الضمير في {فِيهِ رِجَالٌ} غير عائد على المسجد المذكور قبله، بل على مسجد قباء الذي دلت عليه الحال والمشاهدة عندهم، وأما عندنا فلولا هذا الحديث لحملناه على الأول. وعلى هذا يتعين على القارئ أن يقف على فِيهِ من قوله: {أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} ويبتدئ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا}؛ ليحصل به التنبيه على ما ذكرناه، والله تعالى أعلم.

وفي إتيانه - صلى الله عليه وسلم - قباء كل سبت دليل على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك، وأصل مذهب مالك كراهة تخصيص شيء من الأوقات بشيء من القُرب إلا ما ثبت به توقيف (٢)، وقباء بينها وبين المدينة نحو الثلاثة أميال، فليست مما تشدُّ الرِّحال إليها، فلا يتناولها الحديث المتقدم، وكونه - صلى الله عليه وسلم - يأتيها راكبًا وماشيًا إنما كان ذلك بحسب ما اتفق له، وكان تعاهده لقباء لفضيلة مسجدها ولتفقد أهلها اعتناءً بهم وتشريفًا لهم، وليس في تعاهده - صلى الله عليه وسلم - مسجد قباء ما يدل على إلحاق مسجدها بالمساجد الثلاثة كما ذهب إليه محمد بن مسلمة كما قدَّمنا.

وقباء مُلحق ببعاث؛ لأنه من قَبَوت أو قَبيت، فليست همزته للتأنيث، بل للإلحاق، فلذلك صُرِف، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) رواه أبو داود (٤٤).
(٢) في (ع) و (ج): بدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>