للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن أَبَوا أَن يَتَحَوَّلُوا مِنهَا، فَأَخبِرهُم أَنَّهُم يَكُونُونَ كَأَعرَابِ المُسلِمِينَ، يَجرِي عَلَيهِم حُكمُ اللَّهِ الَّذِي يَجرِي عَلَى المُؤمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُم فِي الغَنِيمَةِ وَالفَيءِ شَيءٌ إِلَّا أَن يُجَاهِدُوا مَعَ المُسلِمِينَ،

ــ

وقوله: (فإن أبوا أن يتحوَّلوا فأخبرهم: أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء؛ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين)؛ يعني: أن من أسلم ولم يجاهد، ولم يهاجر لا يُعطى من الخمس، ولا من الفيء شيئًا. وهذا يتمشى على مذهب مالك في قسمة الخمس، والفيء؛ إذ يرى أن ذلك موكول لاجتهاد الإمام، يضعه حيث يراه من المصالح الضرورية، والأمور المهمة، ومنافع المسلمين العامَّة، ويؤثر فيه الأحوج، فالأحوج، والأهم فالأهم، ولا شك أن المهاجرين كانوا في ذلك الوقت أولى به من غيرهم من المسلمين الذين لم يهاجروا، وأقاموا في بلادهم، فإن المهاجرين خرجوا من بلادهم (١)، وأموالهم لله تعالى، ووصلوا إلى المدينة فقراء، ضعفاء، غرباء، فلا شك في أنهم الأولى.

قال القاضي عياض: ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثرهم بالخمس على الأنصار غالبًا، إلا أن يحتاج أحدٌ من الأنصار. وقد أخذ الشافعي بهذا الحديث في الأعراب، فلم ير لهم شيئًا من الفيء، وإنما لهم الصدقة المأخوذة من أغنيائهم، وترد على فقرائهم، كما أن أهل الجهاد وأجناد المسلمين لا حق لهم في الصدقة -عنده - ويصرف كل مال في أهله. وسوَّى مالك وأبو حنيفة بين المالين، وجوَّزا صرفهما للصنفين. وذهب أبو عبيد (٢): إلى أن هذا الحديث منسوخ، وأن هذا كان حكم من لم يهاجر أولًا، في أنه لا حق له في الفيء، ولا في الموالاة للمهاجر، ولا موارثته. قال


(١) في (هـ) و (ط): ديارهم.
(٢) في الأصول: أبو عبيدة، وهو خطأ، والمثبت من شرح صحيح مسلم للنووي (١٢/ ٣٨)، والأموال لأبي عبيد (ص ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>