للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن هُم أَبَوا فَسَلهُم الجِزيَةَ، فَإِن هُم أَجَابُوكَ فَاقبَل مِنهُم وَكُفَّ عَنهُم، فَإِن هُم أَبَوا فَاستَعِن بِاللَّهِ وَقَاتِلهُم،

ــ

الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِن وَلايَتِهِم مِن شَيءٍ} ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ} وبقوله - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة: (لا هجرة ولكن جهاد ونية) (١)، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم) (٢)، وهذا فيه بُعد. وسيأتي بيان حكم الخمس والفيء والغنيمة، إن شاء الله تعالى. ومحمل الحديث عند أصحابنا المالكيين على ما تقدَّم من مذهب مالك رحمه الله تعالى.

وقوله: (فإن هم أبوا فسلهم الجزية)؛ حجَّة لمالك، وأصحابه، والأوزاعي، في أخذ الجزية من كل كافر، عربيًّا كان أو غيره، كتابيًّا كان أو غيره. وذهب أبو حنيفة: إلى أنها تُقبل من الجميع إلا من مشركي العرب، ومجوسهم. وهو قول عبد الملك، وابن وهب من أصحابنا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: لا تُقبل إلا من أهل الكتاب - عربًا كانوا أو عجمًا، ولا تقبل من غيرهم، والمجوس عنده أهل كتاب.

واختلف في استرقاق العرب. فعند مالك، والجمهور: أنهم كغيرهم، يسترقون حيث كانوا. وعند أبي حنيفة، والشافعي: لا يسترقون، إما أن يسلموا، أو يقتلوا. وهو قول بعض أصحابنا، غير أن أبا حنيفة يسترق النساء، والصغار.

وقد (٣) اختلف في القدر المفروض من الجزية؛ فقال مالك: هو أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهمًا على أهل الوَرِق. وهل ينقص منها للضعيف أو لا؟ قولان. وقال الشافعي: هي دينار على الغني والفقير. وقال أبو حنيفة، والكوفيون: على الغني ثمانية وأربعون درهمًا. والوسط: أربعة وعشرون درهمًا.


(١) رواه البخاري (٣٠٧٧)، ومسلم (١٣٥٣) من حديث ابن عباس.
(٢) رواه أحمد (١/ ١١٩)، والنسائي (٨/ ٢٤) من حديث علي.
(٣) من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>