للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَخبِرهُم أَنَّ اللهَ قَد فَرَضَ عَلَيهِم زَكَاةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيَائِهِم، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذ مِنهُم وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَموَالِهِم.

ــ

واقتصارُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذِكرِ القواعد الثلاث؛ لأنَّها كانت هي المتعيِّنَةَ عليهم في ذلك الوقتِ المتأكِّدَ فيه؛ ولا يُظَنُّ أنّ الصومَ والحجَّ لم يكونا فُرِضَا إذ ذاك؛ لأنَّ إرسالَ معاذٍ إلى اليمن كان في سنة تِسعٍ، وقد كان فُرِضَ الحَجُّ، وأما الصوم: ففُرِضَ في السنة الثانية من الهجرة، ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذٌ باليمن على الصحيح.

وقولُ مَن قال: إنَّ الرواةَ سَكَتُوا عن ذكر الصومِ والحجِّ؛ قولٌ فاسد؛ لأنَّ الحديث قد اشتهر، واعتنى الناسُ بنقله سلفًا وخلفًا؛ فلو ذكر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - له شيئًا مِن ذلك لَنُقِلَ.

و(قوله: إنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيهِم زَكَاةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيَائِهِم، فتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم) دليلٌ لمالك على أنَّ الزكاةَ لا تجبُ قِسمتها على الأصنافِ المذكورين في الآية، وأنَّه يجوزُ للإمامِ أن يصرفها إلى صِنفٍ (١) واحد من الأصناف المذكورين في الآية (٢)؛ إذا رآه نَظَرًا ومصلحةً دينيَّة، وسيأتي هذا كاملا (٣) في كتاب الزكاة، إن شاء الله تعالى.

وفيه دليلٌ لمن يقول: يدفعها مَن وجبَت عليه للإمامِ العدل، الذي يضعها مواضعها، ولا يجوزُ لمن وجبَت عليه أن يَلِيَ تفرقتَهَا بنفسه إذا أقام الإمامُ من تُدفَعُ إليه، ومن ذلك تفصيلٌ يُعرَفُ في الفروع.

و(قوله: وَإيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَموَالِهِم) أي: خيارَهَا ونفائسَهَا؛ حذَّرَهُ مِن ذلك؛ نظرًا لأربابِ الأموال، ورِفقًا بهم، وكذلك أيضا: لا يأخُذُ مِن شرارِ المال ولا مَعِيبِهِ؛ نظرًا للفقراء؛ فلو طابَت نفسُ رَبِّ المال بشيءٍ من كرائم أمواله؛ جاز


(١) فى (ط): جنس.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) زيادة من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>