للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٢٥٩] وعَن أَبِي النَّضرِ عن عَبدُ اللَّهِ بنُ أَبِي أَوفَى، أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِي بَعضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، يَنتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَت الشَّمسُ قَامَ فِيهِم،

ــ

المتقدِّمة، ثم هو ابتلاء، وامتحان لا يعرف عما تسفر (١) عاقبته، وقد لا تحصل فيه لا غنيمة ولا شهادة، بل ضد ذلك. وتحريره: أن تمني لقاء العدو المنهي عنه غير تمني الشهادة المرغب فيه؛ لأنه قد يحصل اللقاء ولا تحصل الشهادة، ولا الغنيمة، فانفصلا.

وقد فهم بعض العلماء من هذا الحديث كراهة المبارزة. وبها قال الحسن، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: (يا بني! لا تدع أحدًا إلى المبارزة، ومن دعاك إليها فاخرج إليه، فإنه باغ، وقد ضمن الله نصر من بُغي عليه) (٢). وقال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه على جواز المبارزة، والدَّعوة إليها، وشرط بعضهم فيها إذن الإمام؛ وهو قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. ولم يشترطه غيرهم. وهو قول مالك، والشافعي. واختلفوا، هل يعين المبارَز غيره أم لا؟ على قولين.

وقوله: (إنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظر حتى إذا مالت الشمس)؛ يعني: أنه كان يؤخر القتال عن الهاجرة إلى أن تميل الشمس ليبرد الوقت على المقاتلة، ويخف عليهم حمل السلاح، التي يؤلم حملها في شدَّة الهاجرة؛ ولأن ذلك الوقت وقت الصلاة، وهو مظنَّة إجابة الدعاء. وقيل: بل كان يفعل ذلك لانتظار هبوب ريح النصر التي نُصر بها، كما قال: (نُصِرت بالصَّبا) (٣)، وفي حديث آخر؛ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظر حتى تزول الشمس، وتهب رياح النصر (٤).


(١) في (ع): عمَّاذا استقرت، والمثبت من (ط) و (ز) و (ج) و (ل).
(٢) ذكره القاضي عياض في إكمال المعلم، انظر: إكمال إكمال المعلم للأُبيِّ (٥/ ٥٤).
(٣) رواه أحمد (١/ ٣٢٤ و ٣٤١ و ٣٥٥ و ٣٧٣)، والبخاري (١٠٣٥) من حديث ابن عباس، ورواه مسلم (٣٧٢) من حديث أبي هريرة.
(٤) رواه أبو داود (٢٦٥٥)، والترمذي (١٦١٢) من حديث النعمان بن مُقَرّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>