للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسأَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُم فَاصبِرُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكِتَابِ، وَمُجرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحزَابِ، اهزِمهُم وَانصُرنَا عَلَيهِم.

وَفِي رِوَايَةٍ: اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهزِم الأَحزَابَ، اللَّهُمَّ اهزِمهُم وَزَلزِلهُم.

رواه أحمد (٤/ ٣٥٣)، والبخاري (٢٩٣٣)، ومسلم (١٧٤٢) (٢٠ و ٢١)، وأبو داود (٢٦٣١).

ــ

وقوله: (اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب (١)، سريع الحساب)؛ دليل على جواز السَّجع في الدعاء إذا لم يتكلَّف. والأحزاب: جمع حزب. وهم الجمع والقطعة من الناس، ويعني بهم الذين تحزبوا عليه في المدينة فهزمهم الله تعالى بالريح. ووصف الله بأنه سريع الحساب؛ يعني به: يعلم الأعداد المتناهية وغيرها في آنٍ واحدٍ، فلا يحتاج في ذلك إلى فكرٍ ولا عقدٍ (٢)؛ كما يفعله الحُسَّاب منَّا.

وقوله: (الجنَّة تحت ظلال السيوف)؛ هذا من الكلام النفيس البديع، الذي جمع ضروب البلاغة من جزالة اللفظ، وعذوبته، وحسن استعارته، وشمول المعاني الكثيرة، مع الألفاظ المعسولة (٣) الوجيزة؛ بحيث تعجز الفصحاء اللسن البلغاء عن إيراد مثله، أو أن يأتوا بنظيره وشكله. فإنه استفيد منه مع وجازته الحضّ على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه، والحضّ على مقاربة العدو،


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) في (ع) ذكر ولا عقل، والمثبت من باقي النسخ.
(٣) "الألفاظ المعسولة" يُقال: هو معسولُ الكلام؛ أي: حلو المنطق.

<<  <  ج: ص:  >  >>